بالتكلّم في خلق الله ؛ لأنَّ آياته الباهرة وآثاره الظاهرة في العالم دالّة على وجوده ففي كلّ شيء له آية ، دليل على أنه الواحد ، ولكلّ ذرة من الذرات لسان يشهد بوجوده ، كما أشار إليه تعالى بقوله : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (١).
وكما هو المقصود من قوله عليهالسلام : «اعرفوا الله بالله» (٢) ، أي بأسبابه المجعولة من قبله معرفاً من الآيات ، والآثار ، وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، كما قال عليهالسلام : «يا من دلّ على ذاته بذاته» (٣).
وفي دعاء أي حمزة : «بك عرفتك وأنت الَّذي دللتني عليك ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم أدر (٤) من أنت» (٥).
وبالجملة : فإنه عزّ سلطانه وبهر برهانه قَدْ سطّر آيات قدرته في صحائف الأكوان ، ونصب رايات وحدته في صفائح الأعراض والأعيان ، وجعل كلّ ذرة من ذرات العالم ، وكلّ قطرة من قطرات العلم (٦) ، وكلّ نقطة جرى عليها قلم الإبداع ، وكلّ حرف رقم في لوح الاختراع ، مرآةً لمشاهدة جماله ، ومطالعة
__________________
(١) سورة فصلت : من آية ٥٣.
(٢) الحديث ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام. (ينظر : الكافي ١ : ٨٥ ح ١).
(٣) هذه الفقرة هي من دعاء الصباح المنسوب لأمير المؤمنين عليهالسلام. (ينظر : بحار الأنوار ٨٤ : ٣٣٩ ح ١٩ عن اختيار ابن باقي).
(٤) في الأصل : (لم أعرف) وما أثبتناه من المصدر.
(٥) من دعاء الإمام علي بن الحسين عليهالسلام الَّذي علّمه لأبي حمزة الثمالي. (ينظر : مصباح المتهجد : ٥٨٢ ، إقبال الأعمال ١ : ١٥٧).
(٦) في الأصل : (من البحر الخضم) وما أثبتناه من المصدر.