الحمد والمدح والشكر
[٢] ـ قال رحمهالله : «الحمد لله المتعالي في عزِّ جلاله عن مطارح الإفهام» (١).
أقول : الحمد لغةً الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم ، فخرج بالجميل الثناء على غيره على قول بعضهم : إنَّ الثناء حقيقة في الخير والشر ، وعلى رأي الجمهور : أنَّه حقيقة في الخير فقط ، ففائدة ذكر ذلك تحقيق الماهية ، أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند مجوّزه من الأُصوليين ، وبالاختياري المدح ، فإنه يعمُّ الاختياري وغيره عند الأكثر ، يقال : مدحت اللؤلؤ على صفائه.
وعلى جهة التعظيم يخرج ما كان على جهة الاستهزاء أو السخرية ، أو كقوله تعالى : ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٢). (٣)
والشكر : لغةً فعل يُنبئ عن تعظيم المنعم بسبب الإنعام ، سواءً أكان ذكراً باللسان أم اعتقاداً ومحبّة بالجنان ، أم عملاً وخدمة بالأركان ، فمورد الحمد هو اللسان وحده ، ومتعلقه يعم النعمة وغيرها ، ومورد الشكر يعم اللسان وغيره ، ومتعلقه يكون النعمة وحدها ، فالحمد أعم باعتبار المتعلق ، وأخص باعتبار المورد ، والشكر بالعكس ، فيتصادقان في الثناء باللسان في مقابلة الإحسان ، ويتفارقان في صدق الحمد فقط على الوصف بالعلم والشجاعة ، وصدق الشكر فقط على الثناء بالجنان في مقابلة الإحسان.
__________________
(١) معالم الدين : ٣.
(٢) سورة الدخان : من آية ٤٩.
(٣) روض الجنان : ٤ ، سوى المثال الأوّل.