وإدخاله تحت طاعته ، فأبی عن الإذعان له ، والتخضُّع إليه ؛ ولذا عزم على إتلاف نفسه العزيزة مع اُسرته في سبيل إعزاز الدين ، وتشييد شريعة جدّه سیِّد المرسلین صلىاللهعليهوآله ، وتصدّى لقلب السياسة الاُمويَّة التي شاعت في الإسلام ، حَتَّی كادت أن تقضي على الدين الحنيف الإسلامي.
إنَّ من ذاق طعم الإيمان ، ونوّر قلبه بنور الوجدان ، إذا نظر بدقة إلى أوضاع تلك الأدوار التي كانت تجري على محور واحد من تمشية اُمور بني اُميَّة ، ونفوذ مقاصدهم ، واستيلائهم على سائر طبقات المسلمين ، يصدّق بأوّل وهلة أنه عليهالسلام أحيا دین جدّه صلىاللهعليهوآله وأحكم قانونه الإسلامي فقتل نفسه.
ولولا تلك النهضة منه عليهالسلام لم يبق الإسلام بالصورة الحالية ، وأمكن أن ينقلب المسلمون إلى ما كانوا عليه في بدو الإسلام ، ويضيِّعوا قوانینه ورسومه ، فعندما جزم بإنجاز هذا المشروع خرج من المدينة متوجِّهاً نحو أهم مراكز الإسلام : مكَّة ، والعراق ، اللَّذينِ فيهما ساحة الإسلام ، وأينما حلَّ في نقطة من نقاطها ، وبقعة من بقاعها أولد في قلوب أهلها ما هو أهم مقدمات السياسة ـ أعني : تتغير القلوب من بني اُميَّة ـ وكان يبلغ ذلك يزيد حَتَّى خاف على ملکه من تلك السياسة في الممالك الإسلامية ، وعلم أن ذلك موجبٌ لزوال الأيدي للسلطنة الاُمويّة ، فلم يَرَ بُدّاً دون أن صمَّم على قتال الحسين عليهالسلام في أوّل آونة من جلوسه على تخت السلطنة قبل شروعه بكل أمر مهم.
وكان ذلك من أكبر الأغلاط السياسية لبني اُميَّة التي أوجب محو آثارهم من صفحة الوجود وتسويد أوراق تاريخهم ، ومن أدل ما يستدل به على تقديس قصده عليهالسلام من المقاصد الدينيّة الدنيويّة عندما أقدم على العراق مع علمه عليهالسلام