أجلّ ما ألَّف في الفقه والأُصول ، وأحسن ما جمع فيه بين الدليل والمدلول ، من حيث إيجاز اللفظ وإشباع المعنى ، وتقصير العبارة وإطالة المغزى ، فكم قيَّدَ فيه من الأوابد (١) ما أطلقه المحقّقون ، واقتصّ (٢) من الشوارد ما لم يصبه المدقّقون ؛ ولذا تداول سيره في البلاد فتداولوه ، وانتظم في سلك المصاحف المكَرَّمة فتناقلوه ، وتصدّى لكشف غوامضه رجال من أهل العلم شكر الله تعالى سعيهم (٣) ، وقد أحببت أن أضع على مقدِّمته التي تُضرب بها الأمثال ، وتلقتها بيد القبول حملة الفضل والكمال ، شرحاً ممَّا سمعت فوعيت ، وجمعت فأوعيت ، من فوائد
__________________
محقّقاً عالماً درس المعقول والمنقول والفروع والأصول والمنطق والبلاغة والرياضيّات. وأمّا الأدب فهو روضة الأريض ومالك زمام السجع منه والقريض ، والناظم لقلائده وعقوده ، والمميّز عروضه من نقوده فهو النجم الزاهر في سماء العلم والمعرفة.
وقد وُلد في أُسرة ساهمت مساهمة فعّالة في تقدّم العلوم الإسلامية حيث تقلّدت شرف المرجعيّة والزعامة الدينيّة ، وعلى رأسها الشهيد الثاني قدسسره ، وكانت ولادته لعشرة بقين من شهر رمضان المبارك عام ٩٥٩ هـ في قرية (جُبَع) من قرى جبل عامل بلبنان.
وكان عمره حين استشهاد والده سبع سنين حيث اشتغل في تلك النواحي المقدّسة واخذ بتحصيل العلوم على يد جملة من فضلائها البارعين وطلبة والده الشهيد ، توفي سنة ١٠١١ هـ من آثاره : كتاب (معالم الدين وملاذ المجتهدين) الذي اشتهر به شهرة عظيمة وفي مقدّمته خطبة نفيسة في فضل العلم والعلماء وكتابنا الذي بين يديك ـ عزيزي القاري ـ هو شرح لهذه الخطبة.
وكتاب (التحرير الطاوسي) ، وغيره من الكتب التي خدم بها الإسلام والمذهب الحقّ فسلام عليه يوم ولد ويوم انتقل إلى الرفيق الأعلى ، ويم يُبعث حياً.
(١) الأوابد : جمع آبدة ، وهي التي قَدْ توحشت ونفرت من الإنس ، والآبدة : الكلمة أو الفعلة الغربية ، ويقال للكلمة الوحشية : آبدة ، وجمعها الأوابد. (لسان العرب ٣ : ٦٩).
(٢) كذا ، واقتض الجارية واقتضها ، بالقاف وبالفاء ، أي افترعها ، والسياق يقتضي : (واقتنص).
(٣) ينظر : الذريعة ٦ : ٢٠٤ ـ ٢١٢ فقد عدَّ مؤلّفها الشيخ أغا بزرك الطهراني رحمهالله لكتاب (معالم الدين) ٥٨ حاشية عليه ، أوّلها رقم ١١٣٤ وآخرها رقم ١١٩٢.