وهذه الصور بأسرها في العوالم المثالية التي تبقى بها الأرواح بعد خلع الأجساد العنصرية ، فإن كل ميّت مات فإنه لا يقوم بهذا الجسد إلّا يوم القيامة ويوم قيام القائم عليهالسلام ، وقَدْ ورد بهذا المضمون جملة من الأخبار.
ورُوي في (الكافي) بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : جعلت فداك ، يروون أنَّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال عليهالسلام : «لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، ولكن في أبدان كأبدانهم» (١).
قال خالنا العلامة المجلسي رحمهالله في الجزء الثالث من كتاب (مرآة العقول) في ما يقع على الإنسان بعد الموت في القبر وعالم البرزخ : (ثُمَّ تتعلق الروح بالأجساد المثالية اللطيفة الشبيهة بأجسام الجن والملائكة المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية لسبب تعلق الروح بها ، كبيتٍ كان لرجل وخرج منه وخرب ، فإنَّ له تعلُّقاً ما بذلك البيت ويتألَّم بما يقع عليه.
وبذلك يستقیم جميع ما ورد في ثواب القبر وعذابه واتّساع القبر وضيقه ، وحركة الروح وطيرانه في الهواء ، وزيارته لأهله ، ورؤية الأئمة عليهمالسلام بأشكالهم وصورهم ، ومشاهدة أعدائهم معذِّبين وسائر ما ورد في أمثال ذلك ، وهذا يتمُّ على تجسُّم الروح وتجرُّده) ، انتهى (٢).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٤٤ ح ٤٧٣٦ / ١.
(٢) مرآة العقول ١٤ : ٢١٥.