علي خان في السلافة بما لفظه : (طود العلم المنيف ، وعضد الدين الحنيف ، ومالك أزمة التحقيق والتصنيف ، الباهر بالرواية والدراية ، والرافع لخميس المكارم أعظم راية ، فضل يعثر في مداه مقتفيه ، ومحل يتمنّى البدر لو أشرق فيه ، وكرم يُخجل المزن الهاطل ، وشيم يتحلّى بها جيد الزمن العاطل ، وصیت من حسن السمعة بين السِّحر والنحر :
فسارَ مسيرَ الشَّمسِ في كُلّ بلدةٍ |
|
وَهَبَّ هُبوبَ الريحِ في البَرِّ والبَحرِ |
حَتَّى كأن رائد المجد لم ينتجع سوى جنابه ، وبريد الفضل لم يقعقع سوی حلقة بابه ، وكان له في مبدأ أمره بالشام مجال لا يكذبه بارق العزّ إذا شام ، بين إعزاز وتمكين ، ومكان في جانب صاحبه مكين ، ثُمَّ انثنى عاطفة عنانه وثانيه ، فقطن بمكّة شرّفها الله تعالى وهو كعبتها الثانية ، تُستلم أركانه كما تُستلم أركان البيت العتيق ، وتُستنشم أخلاقه كما يُستنشم المسك العبيق ، يعتقد الحجيج قصده من غفران الخطايا ، وينشد بحضرته تمام الحج أن تقف المطايا.
وقد رأيته بها وقد أناف على التسعين ، والناس تستعين به ولا يستعين ، والنور يسطع من أسارير جبهته ، والعزّ يرتع في ميادين جلهته ، ولم يزل بها إلى أن دعي فأجاب ، وكأنّه الغمام أمرع البلاد فانجاب ، وكانت وفاته لثلاث عشرة بقين من ذي الحجّة الحرام سنة ١٦ رحمهالله. وله شعر يدل على علو محلّه ، وإبلاغه هدي القول إلى محلِّه) ، انتهى (١).
وهذا السيِّد قَدْ قرأ على أبيه المتقدِّم ذكره ، وعلى أخويه شيخنا الماتن والسيِّد صاحب (المدارك) ، له كتاب (شرح المختصر النافع) جيد قَدْ أطال فيه
__________________
(١) سلافة العصر: ٣٢.