تأثير الكواكب مستحيلاً فما المانع من أن تكون التأثيرات من فعل الله تعالى بمجرَى العادة عند طلوع هذه الكواكب وانتقالها؟ فليُنْعم ببيان ذلك ، فإنّ الأنفسَ إليه منشوقة. وكيف نقول : إنّ المنجمين حادسون ، مع أنّه لا يفسد من أقوالهم إلا القليل حَتَّى أنهم يخبرون بالكسوف ووقته ومقداره فلا يكون إلّا على ما أخبروا به ، فأيّ فرق بين إخبارهم بحصول هذا التأثير في هذا الجسم ، وبين حصول تأثيرها في أجسامنا؟
الجواب : اعلم أنّ المنجمين يذهبون إلى أنّ الكواكب تفعل في الأرض ومَنْ عليها أفعالاً يُسندونها إلى طباعها ، وما فيهم أحدٌ يذهب إلى أنّ الله تعالى أجرى العادة بان يفعل عند قرب بعضها من بعض أو بعده أفعالاً من غير أن يكون للكواكب أنفسها تأثير في ذلك ، ومن ادّعى هذا المذهب الآن منهم فهو قائل بخلاف ما ذهبت القدماء في ذلك ، ومتجمِّل بهذا المذهب عند أهل الإسلام ، ومتقرب إليهم بإظهاره ، وليس هذا بقول أحد ممّن تقدّم.
وكأن الَّذي كان يجوز أن يكون صحيحاً ـ وإن دلّ الدليل على فساده ـ لا يذهبون إليه ، وإنّما يذهبون إلى المحال الَّذي لا يمكن صحَّته ، وقد فرغ المتكلِّمون من الكلام في أنّ الكواكب لا يجوز أن تكون فينا فاعلة.
وتكلّمنا نحن أيضاً في مواضع على ذلك ، وبيّنّا بطلان الطبائع للَّذين يهذون بذكرها ، وإضافة الأفعال إليها ، وبيّنّا أنّ الفاعل لابد أن يكون حيّاً قادراً ، وقد علمنا أنّ الكواكب ليست بهذه الصفة ، فكيف تفعل وما يصحح الأفعال مفقود فيها!؟ وقد سطّر المتكلِّمون طرقاً كثيرة في أنها ليست بحيّة ولا قادرة) ، انتهى (١).
[ب] ـ وقال العلّامة رحمهالله في المنتهى :
__________________
(١) غرر الفوائد ٢ : ٣١٩ ، رسائل المرتضى ٢ : ٣٠١ رسالة رقم ٢٦.