تظفر بمرادك عن طريق علم النجوم ، فقال عليهالسلام : أتزعم أنّك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صُرف عنه السوء ، وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟ فمن صدق بهذا فقد كذّب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه ، وتبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه ؛ لأنّك بزعمك أنّك هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضرّ؟ ثُمَّ أقبل عليهالسلام على الناس ، فقال : أيُّها الناس إيَّاكم وتعلّمَ النجوم إلّا ما يُهتَدَى به في برٍّ أو بحر ؛ فإنّها تدعو إلى الكهانة ، والمنجِّم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار ، سيروا على اسم الله» (١).
بيان :
قوله عليهالسلام : «فقد كذّب القرآن» ؛ لأنّ المنجم إذا حكم لنفسه مثلاً بأن يصيب كذا في وقت كذا فقد ادّعى أنّ نفسه تعلم ما تكسب غداً وبأيّ أرضٍ تموت ، وقد قال الله تعالى : إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ الآية (٢).
وأيضاً الأحكام النجوميّة إخبارات عن اُمور ستكون ، وهي تشبه الاطّلاع على الأُمور الغيبيّة وهو مختص به تعالى ، لقوله تعالى : قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ (٣) ولقوله تعالى : وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ (٤).
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ١٢٨ ح ٧٩.
(٢) سورة لقمان : من آية ٣٤.
(٣) سورة النمل : من آية ٦٥.
(٤) سورة الأنعام : من آية ٥٩.