قَبْلُ وَمِن بَعْدُ (١) بالضم من غير تنوين ، وإنما سمّيت هذه الأسماء بالغايات ؛ لأنها جُعلت غاية للنطق بعد ما كانت مضافة ، ولهذه العلّة استوجبت أن تُبنى ؛ لأنَّ آخرها حين قُطع عن الإضافة صار كوسط الكلمة ، ووسط الكلمة لا يكون إلا مبنياً.
[في شرح بعض عبارات المقدّمة]
[٢٨] ـ قال رحمهالله : «فإنَّ أولى ما أنفقت في تحصيله كنوز الأعمار» (٢).
أقول : إضافة الكنوز إلى الأعمار إضافة معنويّة أفادت المضاف تعريفاً ، وهي بمعنى : من ، نحو : لجين الماء ، وخاتم حديد ، وباب ساج ، وذلك ؛ لأن المضاف إليه جنساً من المضاف كما في الأمثلة ، وعلامة ذلك صحَّة الإخبار عن المضاف بالمضاف إليه. فيقال : (هذا حديد) ، مشيراً إلى الخاتم (٣).
أو : الباب ساج ، ولمّا شبّه العمر بالكنز رشّحه بما هو من لوازمه أعني الإنفاق.
[٢٩] ـ قال رحمهالله : «وأطالت التردُّد بين العين والأثر في معالمه الأفكار» (٤).
أقول : أي أطالت الأفكار حركتها الفكرية ما بين المقدمات والنتائج في تحصيل معالمه.
__________________
(١) قراءة الضم من غير تنوين : وهي قراءة جمهور الفرّاء ، ينظر معاني القرآن للفراء ٢ : ٣١٩ ، ومعاني القرآن للزجاج ٤ : ١٧٦ ، وشكل إعراب القرآن ٢ : ١٧٥ ، والبحر المحيط ٧ : ١٦٢ ، ومعجم القراءات القرآنية ٧ : ١٣٩.
(٢) معالم الدين : ٤.
(٣) ينظر عن الإضافة المعنوية : شرح ابن عقيل ٢ : ٤٢ ـ ٤٤.
(٤) معالم الدين : ٤.