(عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً) : مقتصدا دون البعيد فوق القريب (١).
(الشُّقَّةُ) : النّاحية ، عن ابن عرفة ، جمعه : شقق.
قال الفرّاء (٢) : (وَاللهُ يَعْلَمُ) : يعلمهم كاذبين ، العلم واقع على ذواتهم (٣) وأخبارهم جملة ، يدلّ عليه كسرة الهمزة من قوله : (إِنَّهُمْ) ودخول اللام في الخبر ، ولو كان العلم واقعا على مجرّد فعلهم لكانت مفتوحة ولما دخلت اللام في الخبر. روي أنّ الحجّاج بن يوسف أخطأ في العاديات فقرأ : أنّ ربّهم ، بفتح الهمزة ، فلمّا علم أنّه أخطأ استدرك بإسقاط اللام فقال : يومئذ خبير (٤).
٤٣ ـ (عَفَا اللهُ عَنْكَ) : إنّما قدّم العفو لتلطيف العتاب كقولك : رحمك الله لم فعلت ، وعافاك الله لم فعلت (٥). كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أذن في التّخلّف للمعتذرين إليه على الفور من غير تثبّت وتمييز بين الصّادقين والكاذبين معتبرا بالظّاهر من أحوالهم ، وكان ذلك له جائزا لقوله : (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) [النّور : ٦٢] إلّا أنّه سلك سبيل الرّخصة وترك الاحتياط فأنكر الله ذلك عليه وبيّن له أنّه لو فعل غير ذلك لكان أحسن وأحوط (٦).
٤٤ ـ الاستئذان (١٤٣ و) المنفيّ عن المؤمنين استئذانهم لئلّا يجاهدوا وكراهة أن يجاهدوا (٧). والاستئذان المختصّ بالمؤمنين في سورة النّور (٨) توقّفهم للإذن وتركهم الانسلال والانتشار للحوائج من غير إذن الرّسول صلىاللهعليهوسلم (٩).
٤٥ ـ وفي قوله : (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ) دليل على أنّ الإيمان لا يصحّ من غير معرفة الله سبحانه ؛ لأنّ للرّيب مدخلا وللشّبهة موضعا في الإيمان ما لم يتّصل (١٠) بمعرفة الله تعالى.
٤٦ ـ وإنّما كره انبعاثهم لأنّ انبعاثهم لو وحد لكان معصية ولم يكن طاعة لقوله (١١) : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) ، فهذه الكراهة ككراهة الصّلاة بغير طهارة ، كره
__________________
(١) في ك : البعيد. وينظر : الكشاف ٢ / ٢٧٣ ، ومجمع البيان ٥ / ٦٠.
(٢) لم أقف عليه في معاني القرآن.
(٣) في ب : ذاتهم.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٢٠ / ١٦٣ ، وقرأ بها أبو السّمّال ، ينظر : المجيد ٤٤١ (تحقيق : د. ناهدة الكبيسي) ، والبحر المحيط ٨ / ٥٠٢.
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٢٩٧ ، وفتح القدير ٢ / ٣٦٥.
(٦) ينظر : تفسير الطبري ١٠ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، والبغوي ٢ / ٢٩٧.
(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ٥ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، وفتح القدير ٢ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.
(٨) الآية ٦٢.
(٩) ينظر : تفسير البغوي ٣ / ٣٥٩ ، وفتح القدير ٤ / ٥٩ ـ ٦٠ ، وعون المعبود ٧ / ٣٢٥.
(١٠) (دليل على ... يتصل) ساقطة من ك.
(١١) في الآية التي بعدها. وينظر : التبيان في تفسير القرآن ٥ / ٢٢٩ ، ومجمع البيان ٥ / ٦٣.