ثمّت أسلمنا (١) ولم ننزع يدا |
|
أبيض مثل البدر ينهو صعدا |
إنّ قريشا أخلفوك (٢) الموعدا |
|
ونقضوا ميثاقك المؤكّدا |
فقال رسول الله : لا نصرني الله إن لم أنصركم ، ثمّ أمر النّاس (٣) أن يتجهّزوا إلى مكّة (٤).
وكان أبو سفيان يومئذ عند هرقل بالشّام ، فكتبت قريش إليه بالخبر ، فلمّا قرأ الكتاب استأذن هرقل في الرّجوع وقال : إنّ محمّدا كان عاهدنا سنين وهو يريد النكث ، قال هرقل : ولم ذلك؟ قال : لأنّا أعنّا حلفاءنا على حلفائه ، قال : هو معذور فإنّكم إذا قاتلتم حلفاءه فقد (٥) قاتلتموه. وانصرف أبو سفيان من الشّام يريد الإصلاح حتى دخل المدينة على فاطمة بنت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وطلب منها الإجارة فلم تفعل ، وطلب من الحسن والحسين فلم يفعلا ، ثمّ خرج إلى أبي بكر فردّه ، وإلى عمر فردّه وقال : والله لنضربنّ إستك يا أبا سفيان ، فقال : ما أسفهك يا ابن الخطّاب ، ثمّ خرج إلى عليّ رضي الله عنه وطلب منه الإجارة ، فقال عليّ : يا أبا سفيان أتظنّ برسول الله أنّه يردّ أمرك اخرج إلى النّاس واضرب (١٣٦ ظ) إحدى يديك على الأخرى وقل : أجرت بين النّاس ، فقال أبو سفيان : أهو كما تقول؟ قال عليّ : سترى (٦) ما يكون ، فخرج أبو سفيان فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال : أجرت بين النّاس ، ورجع إلى مكّة وقال : أجرت بين النّاس ، قالوا : كيف؟ فأخبرهم بالقصّة ، قالوا : لم تفعل شيئا وإنّما استهزأ بك عليّ (٧).
ثمّ سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم في جيوشه إلى مكّة ، ولم يلق أحدا مقبلا ولا مدبرا إلّا حبسه لئلّا يخبر أهل مكّة بمسيره (٨) إليهم ، فخرج أبو سفيان متحسّسا (٩) أخبارهم فلقيه العبّاس في جوف اللّيل وأجاره وأردفه خلفه على بغلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى (١٠) أدخله عليه (١١) صلىاللهعليهوسلم ، وأحسّ به عمر فسابقه إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فسبقه وحال بينه وبين أبي (١٢) سفيان ، ثمّ ردّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مكّة ، فلمّا
__________________
(١) في ب : إسلامنا ، وبعدها : ينزع ، بدل (ننزع).
(٢) في ب : خلفوك.
(٣) في الأصل وك وب : أموالنا ، بدل (أمر الناس).
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٨ / ٨٧.
(٥) في ع : قد.
(٦) مكررة في ب.
(٧) ينظر : السيرة النبوية ٤ / ٨٥٥ ـ ٨٥٧.
(٨) في ع : بسيره.
(٩) في ب : متجسسا.
(١٠) في ك : على.
(١١) بعدها في ب : رسول الله ، وهي مقحمة.
(١٢) في ك : أبا ، وهو خطأ.