واحد ، [ثمّ](١) وديناه إلى عشيرته ، ولا يقدرون على المطالبة بالقود فإنّهم لا يقاومون قريشا بأجمعهم ، قال إبليس : صدق هذا الشّابّ والرّأي ما رآه ، وأثنى عليه. فتفرّقوا على ذلك ، وهبط جبريل عليهالسلام يخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويأذن له في الهجرة ، فلمّا كان ليلة الاغتيال وثب عن (٢) فراشه وخلّف عليّا مكانه ، وخرج من باب بيته وإذا هم وقوف مجتمعون ، فصرف الله أبصارهم عنه حتى أخذ التّراب وحثا على رؤوسهم ، ثمّ انطلق إلى أبي بكر فصحبه أبو بكر في الهجرة ، وكانا قد دبّرا في ذلك من قبل فوفّقهما الله تعالى لذلك ، فنزلت الآية بذكر الله نعمته وإن كان هو ذاكرا ليزداد شكرا وليعتبر به المعتبرون (٣).
٣١ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) : نزلت في المشركين الذين تحدّاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمثل (٤) سورة من القرآن عامّة. وفي النضر بن الحارث بن كلدة ، كان يتجر إلى الرّوم وفارس ويسمع أقاصيص رستم وإسفنديار فقال (٥) : قد سمعنا القرآن ولو شئنا لقلنا مثله (٦). وقد كذب الملعون وادّعى ما لا يقدر عليه وأصحابه ، ولو قدروا لقالوا شيئا مع طول المحاورة والمجاورة وكثرة التّحدّي ، فإنّ ذلك لو قدروا عليه لكان أيسر في ردّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأهون وأوجد (٧) وأمكن من القتال وبذل الأموال ومصادفة الرّجال ، ألا ترى أنّ طليحة الأسديّ ومسيلمة الكذّاب كيف تكلّفا وتوخّيا المقابلة (٨) بما افتضحا به حتى قال أبو بكر الصّدّيق لطليحة وأصحاب مسيلمة : ويحكم هذا الكلام لم يخرج من إلّ (٩) ، فاعترفوا له بالاغترار والخسران والإدبار.
٣٢ ـ (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ) : نزلت في النضر بن الحارث أيضا وأصحابه ، فلم يمطر بالحجارة ولكن قتل صبرا يوم بدر ، فذاق العذاب الأليم (١٠). قال أبو عبيدة (١١) : يقال في (١٣٢ ظ) العذاب : أمطر ، وفي الرّحمة : مطر.
٣٣ ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) : كأنّهم لمّا دعوا بهذا الدّعاء ولم يمطروا ولم ينزل بهم
__________________
(١) يقتضيها السياق.
(٢) في ك : على.
(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ، وتفسير الطبري ٩ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، والبغوي ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤.
(٤) في الأصل : مثل ، والباء ساقطة.
(٥) في ع : وقال.
(٦) ينظر : تفسير الطبري ٩ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، والبغوي ٢ / ٢٤٥ ، وزاد المسير ٣ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧.
(٧) في الأصل وع : وأوحد ، وفي ب : وأوحل.
(٨) في ب : المقاتلة.
(٩) ينظر : غريب الحديث لابن سلام ٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، وإعجاز القرآن ٢٨١ ، وتفسير القرطبي ٢ / ٣٨. والإلّ : الربوبية ، ينظر : غريب الحديث لابن قتيبة ١ / ٢٢٩ ، والفائق ٣ / ٣٢٥ ، والنهاية في غريب الحديث ١ / ٦٣.
(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٩ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ، والتبيان في تفسير القرآن ٥ / ١١١ ، وتفسير البغوي ٢ / ٢٤٥.
(١١) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٣٩٨.