المفتوح فصار في التقدير ألفا فلمّا حرّكت انقلبت همزة» (١).
وبعد أن بيّن أصل (التّوراة) عند الكوفيّين في قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [آل عمران : ٣] ذكر ما حدث فيها من إعلال ، فقال : «أصل التّوراة عند الكوفيّين : تورية بوزن توصية ، فلمّا أخرجوا اللّفظ من حيّز الأفعال إلى الأسماء نقلوا حركة عين الفعل إلى الفتحة فانقلبت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها» (٢).
وفي حديثه عن (السَّماواتِ) في قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [الأعراف : ٥٤] قال : «إنّما لم يجمع سماءات ؛ لأنّ الهمزة في وحدانها غير أصليّة ، وهي واو انقلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة» (٣). وكان قد ذكر في موضع آخر قبل هذا أنّ (السّموات) جمع (سماوة) ، وأنّ (سماء وسماوة) بمعنى ، وذلك عند حديثه عن قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة : ١٦٤] إذ قال عن (السّموات) : «جمع سماوة ، مثل : حمامات وحمامة. والسّماوة والسّماء بمعنى» (٤).
وفي قوله تعالى : (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة : ١٠٩] تحدّث عن نوعين من الإعلال في (هار) أحدهما بالقلب والآخر بالحذف فقال : «(هار) : هائر ، قدّمت لام الفعل وأخّرت عينه على سبيل القلب ، كقولك : هو شاكي السّلاح وشائك. وقد تحذف الهمزة من (هائر) حذفا حقيقيّا من غير قلب ، في حديث خزيمة وذكر السّنة قال : تركت المخّ رارا والمطيّ هارا» (٥).
٣ ـ تعاقب الصيغ :
ذكر المؤلّف عددا من الصّيغ الصّرفيّة التي تتعاقب فيما بينها ، وتتّفق في المعنى ، ففي كلامه على الاستعاذة في بداية الكتاب تحدّث عن مجيء (فعيل) بمعنى (مفعول) ، فقال : «الرّحيم : بمعنى المرجوم ، كالقتيل بمعنى المقتول ، سمّي بذلك لأنّه يرجم بالشّهب ، أو لأنّه يلعن ويشتم» (٦).
وذكر تعاقب (فعيل) و (مفعل) عند حديثه عن (بديع) في قوله تعالى : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة : ١١٧] ، واستدلّ له ببيت من الشّعر أيضا ، فقال : «فعيل بمعنى المفعل كالسّميع والأليم ، قال :
__________________
(١) درج الدرر ٥٧.
(٢) درج الدرر ٢٩٠.
(٣) درج الدرر ٥٨١.
(٤) درج الدرر ١٧٩.
(٥) درج الدرر ٧٢٤ ـ ٧٢٥.
(٦) درج الدرر ١.