معنى قوله : (سفه نفسه) : أهلكها وأوبقها ، لا معنى له إلا أن يحمل قولهم : سفه الشراب ، على معنى استهلك» (١).
وحين نقل الأقوال المختلفة في معنى الحنف عند حديثه عن قوله تعالى : (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [البقرة : ١٣٥] ذكر رأيه فقال : «وقال أبو عبيدة : كان الحنيف في الجاهليّة من كان على دين إبراهيم ، وسمّي من اختتن وحجّ البيت لمّا تناسخت السنون فكانوا يعبدون الأوثان ويقولون : نحن حنفاء على دين إبراهيم. والحنيف الذي نعرف اليوم هو المسلم» (٢).
وحين تحدّث عن قوله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) [البقرة : ١٨٩] نقل عن أبي عبيدة قوله : «هو في ترك طلب البرّ من وجهه وطلبه من غير وجهه» (٣).
ولما تكلم على المراد ب (الذين يصلون) في قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) [النساء : ٩٠] نقل عنه قوله : «والمراد بالمتّصلين من رجع إلى هؤلاء في النّسبة ؛ لأنّهم دخلوا في عموم أمانه لعشائرهم» (٤).
الأخفش الأوسط ، سعيد بن مسعدة (ت ٢١٥ ه):
عند حديثه عن تفسير قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) [البقرة : ٤٨] ذكر رأي الأخفش فقال : «وإنّما لم يقل : (لا تجزي فيه نفس) ؛ لأنّ اليوم إذا أضيف إلى الفعل حذف منه (فيه) كقوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) [الشعراء : ٨٨] ، (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) [الفرقان : ٢٧] ، (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) [إبراهيم : ٤١] ، وهذا قول الأخفش» (٥).
وفي كلامه على قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) [البقرة : ٥٧] شرح معنى السّلوى وذكر أنّه «لا واحد له من لفظه عند الأخفش» (٦).
وعند كلامه على (مثابة) في قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً) [البقرة : ١٢٥] قال :
__________________
(١) درج الدرر ١٥٤.
(٢) درج الدرر ١٥٩.
(٣) درج الدرر ٢٠٤.
(٤) درج الدرر ٤٣٥.
(٥) درج الدرر ٥٤.
(٦) درج الدرر ٦٣.