وأنت أوسعهم دارا.
وقول (١) أبي عبيدة وأبي (٢) عبيد : إنّ معنى قوله : (سفه نفسه) : أهلكها وأوبقها (٣) ، لا معنى له إلا أن يحمل قولهم : سفه الشراب ، على معنى استهلك.
(وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ) :" اخترناه" (٤) ، وفلان اصطفى فلانا ، أي : جعله صفيّا (٥).
وهو على وزن الافتعال ، وإنّما جعلت التّاء فيه (٦) طاء لموافقتها الصّاد في الإطباق (٧).
وإنّما اصطفاه في الدنيا بالرسالة والخلة (٨).
و (الدُّنْيا) : هي الحياة الدنيا ، والدار الدنيا. واشتقاقه من الدنو (٩).
(لَمِنَ الصَّالِحِينَ) : المفلحين الذين يجبرهم الله ويصلحهم للتنعم بالنعيم ، ويسلمهم من الآفات المؤثرة بالفساد (١٠) ، ومنه الدعاء : أصلح الله الأمير.
١٣١ ـ (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) : قال الحسن (١١) : هذا الخطاب ورد عليه حين أفلت الشمس.
في كونه خطاب السرّ أو خطاب العلانية محتمل كلاهما (١٢).
وذلك لا يدلّ على أنّه كان من قبل على غير الفطرة ، كما قال لنبيّنا صلىاللهعليهوسلم : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [محمّد : ١٩] ، والمراد بهذا النوع من الأمر الاستقامة والاستدامة (١٣).
والعامل في (إذ) قوله : ([قالَ] (١٤) أَسْلَمْتُ). وتفسيره : (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، الآية [الأنعام : ٧٨ ـ ٧٩](١٥). وفي الآية دليل على أنّ الإيمان والإسلام واحد وإلا لما صار مسلما بالقول ، إن كان الإسلام هو العمل.
__________________
(١) في ب : وأراد قول ، بدل (دارا وقول) ، وهو تحريف. وينظر : مجاز القرآن ١ / ٥٦.
(٢) في ك : وأبو ، وهو خطأ.
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢١٠ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٦٩ ، ومجمع البيان ١ / ٣٩٥.
(٤) تفسير الطبري ١ / ٧٧٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه ١ / ٢١١ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٤٨٥.
(٥) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، ومجمع البيان ١ / ٣٩٥.
(٦) في ك : فيها.
(٧) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٧٧ ، وإعراب القرآن ١ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، وتفسير القرطبي ٢ / ١٣٣.
(٨) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٧٨ ، والجواهر الحسان ١ / ٣٢١.
(٩) ينظر : البحر المحيط ١ / ٤٥٠.
(١٠) ينظر : زاد المسير ١ / ١٣٢.
(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٧١ ، ومجمع البيان ١ / ٣٩٧.
(١٢) ينظر : البحر المحيط ١ / ٥٦٦.
(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١١٧ ، ومجمع البيان ١ / ٣٩٧.
(١٤) من المجيد (ط ليبيا) ٤١٤ ، والبحر المحيط ١ / ٥٦٦ ، والدر المصون ٢ / ١٢٣.
(١٥) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٧٩ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٧١ ، ومجمع البيان ١ / ٣٩٧.