على وجه الطمع (١) ، والرغبة إلى الشيء : هو الطمع فيه (٢) ، فكأنّ الرغبة في الوجوه كلّها هي صرف الهمّة.
وفي (سَفِهَ نَفْسَهُ) : أربعة أقوال :
الأوّل : استخفّ نفس إبراهيم حين رغب عن ملّته (٣) ، وكأنّ قولهم : فلان سفه الشراب ، إذا أكثر منه ، ومثل (٤) هذا قوله صلىاللهعليهوسلم : (من سفه الحقّ) (٥) ، وهذا قول لم يرو عن الأئمّة.
والثاني : أنّه جهل نفسه ، ومنه قوله : (عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) [البقرة : ٢٨٢] ، ويحتمل قوله صلىاللهعليهوسلم : (إلا من سفه الحق) ، وقولهم : فلان سفه رأيه (٦). وجهل النفس يؤدّي إلى جهل منشئها ، قال الله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات : ٢١] ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (٣٤ و) (من عرف نفسه فقد عرف ربّه (٧)) ، وإلى هذا ذهب الزجّاج (٨).
والثالث : سفه في نفسه ، فانتصب بنزع الخافض (٩). ويحتمل هذا قوله (١٠) : (إلا من سفه الحق) ، وقولهم : فلان سفه رأيه.
والرابع : قول (١١) الفرّاء : إنّ الفعل للنفس ، فلمّا أسند إلى (من) انتصب النفس على التفسير ، كقوله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [النساء : ٤] ، وقولك (١٢) : ضقت به ذرعا ، [وهي](١٣) من المعرفة كالنّكرة ، كقوله (١٤) : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) [القصص : ٥٨] ، وتقول العرب : وجعت بطنك ، ووثقت رأيك. والدليل على أنّ السّفه فعل النفس غير واقع على النفس أنّه لا يقال : رأيه سفه زيد ، كما لا يقال : دارا أنت أوسعهم ، وإنّما يقال : زيد سفه رأيه ،
__________________
(١) (والرغبة في الشيء ... الطمع) ساقطة من ب. وينظر : تفسير البغوي ١ / ١١٧ ، وزاد المسير ١ / ١٣١.
(٢) ينظر : لسان العرب ١ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣ (رغب).
(٣) ينظر : التفسير الكبير ٤ / ٧٠ ، وتفسير البيضاوي ١ / ٤٠٣.
(٤) مكانها في ك : وعمل مثل ، وفي ع وب : وعمل.
(٥) ينظر : تاريخ ابن معين ٣ / ٢٥ ، والسنة لعبد الله بن أحمد ١ / ٢٧٩ و ٢ / ٥٣٥ ، ومسند الشاشي ١ / ٣٤٦ و ٢ / ٢٧٤ و ٣١٠.
(٦) في ب : وليه.
(٧) ليس في ب. والحديث موضوع ، ينظر : المصنوع ١٨٩ ، وكشف الخفاء ٢ / ٣٤٣.
(٨) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢١١.
(٩) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ٢١٠ ، ومشكل إعراب القرآن ١ / ١١١ ، والنكت والعيون ١ / ١٦٠.
(١٠) صلىاللهعليهوسلم.
(١١) في ب : قال. وينظر : معاني القرآن ١ / ٧٩.
(١٢) في ع : وقولهم.
(١٣) من معاني القرآن ، ويقتضيها السياق.
(١٤) في ك وب : لقوله ، وفي ع : ولقوله.