وإنّما خصّ المؤمنين بالدّعاء لأنّه لا يجوز تولّي الكافرين (١). وقيل : توهّما منه أنّ الله تعالى لا يؤجّلهم إذ (٢) قال : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤] ، فأخبر الله تعالى بأنّه يمهلهم (٣٣ و) ويمتّعهم متاع الحياة الدنيا لتأكيد الحجّة عليهم (٣). ويحتمل أنّ الإخبار عن رزقهم إنّما وقع لئلا (٤) يستدلّ الكافر بالرّزق أنّه مصيب مؤمن ، وأنّ دعوة إبراهيم عليهالسلام قد نالته.
(ثُمَّ أَضْطَرُّهُ) : فيقال (٥) : من الضّرورة ، وهو متعدّ (٦).
(وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : المعاد (٧).
١٢٧ ـ (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) : روى الواقديّ عن أبي (٨) جهم بن حذيفة ابن غانم العدويّ قال : لمّا بلغ إسماعيل ثلاثين سنة ، وإبراهيم يومئذ ابن مئة سنة ، أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليهالسلام يأمره ببناء البيت ، وأنزل السكينة فاتّبعها إبراهيم ، وهي ريح لها وجه وجناحان ، ومع إبراهيم عليهالسلام الملك والصّرد فانتهوا بإبراهيم عليهالسلام إلى مكّة منزل إسماعيل عليهالسلام (٩). وفي رواية كان إسماعيل ابن عشرين سنة ، فأتاه أبوه وهو قاعد تحت دوحة يبري النّبال (١٠). وموضع البيت يومئذ ربوة حمراء ، فحضر إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، ليس معهما غيرهما ، يريدان أساس آدم عليهالسلام ، فحفرا (١١) عن ربض البيت ، قال الواقديّ : ربضه : حوله ، فوجدا صخرة ما يطيقها إلا ثلاثون رجلا ، فبنيا ، وجعل القواعد من حراء ، وحلّقت السكينة كأنّها سحابة على موضع البيت فقالت : ابن عليّ ، فلذلك لا يطوف بالبيت أحد أبدا (١٢) نافرا ولا جبّارا إلا رأيت عليه السكينة. قال : وجعل طوله في السماء تسع أذرع ، وعرضه في الأرض ثلاثين ذراعا ، وطوله في الأرض اثنتين (١٣) وعشرين ذراعا ، وأدخل الحجر وهو سبع أذرع في البيت ، وجعل المقام لاصقا بالبيت عن يمين الداخل.
__________________
(١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٥٧.
(٢) في الأصل وك وع : أن.
(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٥٦ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٤٧٨.
(٤) ساقطة من ك.
(٥) كذا ، ولعل الصواب : افتعال.
(٦) في ب : معتدل. وينظر : البحر المحيط ١ / ٥٤٤ ، والدر المصون ٢ / ١١٣.
(٧) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٤٥٩ ، ومجمع البيان ١ / ٣٨٦.
(٨) ساقطة من ب.
(٩) ينظر : تفسير القرآن العظيم ١ / ١٨٣ ـ ١٨٤.
(١٠) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٧٦٥ ، والبغوي ١ / ١١٤ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ١٨٢.
(١١) في ع وب : فحضرا.
(١٢) في ك : لا يطوف أحدا بالبيت أبدا ، بدل (لا يطوف بالبيت أحد أبدا).
(١٣) في الأصل وك وب : اثنين.