٨٠ ـ (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) : نزلت في اليهود أيضا حيث زعموا أنّهم لا يعذّبون في النار إلا سبعة أيّام عند الله ، وهي سبعة آلاف سنة من أيّام الدنيا ، وهي مدّة الناس في الدنيا ، عن ابن عبّاس (١). وعنه أنّهم زعموا أنّهم لا يعذّبون إلا سنين بعدد الأيّام التي عبدوا فيها العجل (٢). وكذلك يروى عن قتادة وعن أبي العالية أنّهم زعموا أنّ الله عزوجل غضب عليهم في أمر فأقسم أن يعذّبهم في النار ، فلا يعذّبهم إلا أيّاما قلائل لتحلّة القسم (٣).
وقولهم هذا يحتمل وجوها أربعة : إمّا يعتقدون فناء النار كالدنيا (٤) ، أو كانوا يظنّون أنّ أيّام الآخرة تداول بين الناس كأيّام الدنيا ، أو كانوا يرون أنفسهم مؤمنين مجرمين فأثبتوا شفاعة الأنبياء والصالحين لأنفسهم كما نثبتها ، أو كانوا وجدوا في كتبهم : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) [مريم : ٧١ ـ ٧٢] فعدّوا أنفسهم من المتّقين ، فأنزل الله ردّا عليهم وتكذيبا لهم.
و (المسّ) : قريب من الإصابة ، قال الله تعالى : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) [الأنبياء : ٨٣] ، (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) [يوسف : ٨٨](٥). وحقيقة المسّ اللمس ، وهو يكون بحس ولا يكون بحس (٦).
و (الأيّام) (٧) : جمع يوم ، وأصله : أيوام ، اجتمعت الياء والواو على ما قدّمنا (٨).
و (العدد) : اسم كميّة المجموع بين الواحد والعدم (٩) ، وإنّما أعني بالواحد الجزء الذي لا يضمن العدد في نفسه ، وبالعدم ما (١٠) لا يثبت معقولا موجودا. (٢٠ و)
وقد حصل العرف بإطلاق العدد على الجمع القليل ، قال الله تعالى : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ١٨٤] ، و (أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠] ، و (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) [يوسف : ٢٠] ، و (أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)(١١) [هود : ٨] ، و (لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) [هود : ١٠٤] ، وذلك لأنّ عدّ الجمع
__________________
(١) ينظر : تفسير مجاهد ١ / ٨٣ ، وتفسير الطبري ١ / ٥٤٠ ، والنكت والعيون ١ / ١٣٣.
(٢) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٥٣٩ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٣٢٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٨٩.
(٣) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩ ، وتفسير البغوي ١ / ٨٩ ، وزاد المسير ١ / ٩١ ـ ٩٢.
(٤) في ع : في الدنيا ، وبعدها : وكانوا ، بدل (أو كانوا). وينظر : تفسير الطبري ١ / ٥٣٩ ، وتفسير القرآن الكريم ١ / ٤٠٤ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٣٢٣.
(٥) ينظر : البحر المحيط ١ / ٤٣٧.
(٦) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٧٩ ، والبحر المحيط ١ / ٤٣٧.
(٧) الآية نفسها : (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).
(٨) ينظر : إعراب ثلاثين سورة ٣٥ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٨٢ ، ولسان العرب ١٢ / ٦٤٩ و ٦٥٠ (يوم).
(٩) ينظر : التعريفات ١٩١ ، والتوقيف على مهمات التعاريف ٥٠٦.
(١٠) ساقطة من ك.
(١١) ليس في ك.