لأنّا نشاهد (١) الجماد واهتزازه ونضارته ودبوله ، وتعرّي الحيوان عن هذه المعاني كلّها أو بعضها (٢).
وهذه المسألة يمكن أن تبنى على مسألة عذاب القبر ، أو تبنى مسألة عذاب القبر عليها.
و (الغافل) (٣) : نقيض الخبير ، وقد يكون نقيض المشغول ، يقال : غفل عنه ، أي : شغل عنه (٤).
٧٥ ـ وقوله : (أَفَتَطْمَعُونَ) : نزلت شأن المؤمنين [من](٥) حيث طمعوا في شهادة اليهود لهم ، ورجوا نصرهم إيّاهم على مشركي العرب (٦).
والطمع قريب من الرجاء والتوقّع (٧) ، قال إبراهيم : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي) [الشعراء : ٨٢]. وهذا يقتضي تفخيم الطمع وتبعيد ما طمعوا فيه (٨).
ثمّ بيّن جهة التفخيم (٩) والتبعيد (١٩ و) فقال : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) أي : طائفة وقطعة منهم ، وهم الأحبار يسمعون كلام الله من رسلهم ثمّ يحرّفونه ؛ يعوجونه باللحن كقولهم (١٠) : حطا مكان حطّة. أو التأويل كتوجيههم الخطاب في التوراة بقوله : تمسّكوا بهذه الشريعة أبدا ما دامت رؤوسكم على أبدانكم أو ما دامت السموات والأرض إلى المكلّفين بشريعة صاحب الحمار وصاحب الجمل ، المذكورين في التوراة ، المرسلين بالإعجاز ، وهما عيسى ابن مريم ومحمّد خاتم النبيّين صلوات الله عليهما وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، فهذا ونحوه تحريفهم (١١).
(مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) : أي : فهموه (١٢).
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : معناه وقت التفهم (١٣) ، أو يعلمون أنهم محرّفون (١٤).
__________________
(١) مكررة في ك ، وبعدها : للجماد ، بدل (الجماد).
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٨٥ ـ ٨٧ ، والتفسير الكبير ٣ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، والبحر المحيط ١ / ٤٣١ ـ ٤٣٢.
(٣) الآية نفسها : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
(٤) ينظر : لسان العرب ١١ / ٤٩٨ (غفل).
(٥) من ك.
(٦) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٥١٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٣١٣ ، والبحر المحيط ١ / ٤٣٨.
(٧) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٨٧ ، ومجمع البيان ١ / ٢٧٠ ، والبحر المحيط ١ / ٤٣٥.
(٨) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٥٨ ، والتبيان في تفسير القرآن ١ / ٣١٤ ، وزاد المسير ١ / ٨٨.
(٩) (وتبعيد ... التفخيم) ساقطة من ب.
(١٠) ساقطة من ك ، وبعدها في ع : هطا ، بدل (حطا). وينظر : مجمع البيان ١ / ٢٧٠ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ١١٩.
(١١) ينظر : البحر المحيط ١ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
(١٢) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٩٨ ، والكشاف ١ / ١٥٦ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ١١٩.
(١٣) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٨٧.
(١٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٣١٣ ، والكشاف ١ / ١٥٦ ، ومجمع البيان ١ / ٢٧١.