أنّه طرح (١) على باب من أبواب المسجد ، وكان لمسجدهم اثنا عشر بابا ، لكلّ سبط باب ، فتخاصم الناس وتحاكموا إلى موسى عليهالسلام ، فحكم بحكم القسامة (٢) ، وهو في التوراة على نحو ما في شريعتنا ، غير أنّهم كانوا متعبّدين (٣) في ما يروى بأن يضعوا أيديهم على بقرة مذبوحة ، ثمّ يحلفوا بالله الذي لا إله إلا هو إله بني إسرائيل ما قتلناه وما علمنا قاتله ، فلمّا وقعت هذه الواقعة أبوا إلا تعيين القاتل ، ولم يدفنوا المقتول أيّاما ، وآل بهم الأمر إلى الاختلاف والاقتتال ، فلمّا طال الشرّ شكوا إلى موسى عليهالسلام ، فوعدهم الله تعالى إحياء المقتول على شريطة ذكره ا في هذه الآي لتبيين القاتل ، ويكون ذلك آية على البعث والنّشور ، فاتّهموا نبيّ الله ، وغلوا في دين الله ، وما كادوا يأتون بالشريطة لكثرة تمرّدهم وتردّدهم ، ثمّ قست قلوبهم من بعد مشاهدة الآية ، أو وقوع العلم بها ، فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة ، على ما وصفه الله تعالى (٤).
و (إذ) : ظرف على ما تقدّم ، ويحتمل أن يكون العامل فيه (قالُوا).
ويحتمل أن يكون التقدير في (قالوا) : فقالوا ، إلا أنّه أسقط حرف العطف لاستقامة الجواب بذاته كما في قوله : (قالَ [فِرْعَوْنُ] (٥) وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، الآيات [الشعراء : ٢٣ ـ ٢٤](٦).
(بَقَرَةً) : واحدة البقر (٧)." والبقر : اسم الجنس" (٨) ، والجمع : باقر وبقور (٩).
وفي الآية دليل على ثبوت العموم ؛ لأنّ تقديرها : أن تذبحوا بقرة ما (١٠) ، كما تقول للغلام : ناولني حصاة ، وادع لي رجلا ، فحملوه على طريق الإجمال ، ولم يتسارعوا إلى الائتمار والإقبال ، فزلّوا وأضلّوا (١١). وقال صلىاللهعليهوسلم : (والذي نفس محمّد بيده لو اعترضوا على أيّة بقرة كانت فذبحوها
__________________
(١) (أنه طرح) ساقطة من ع.
(٢) القسامة : أيمان تقسم على المتّهمين في الدّم ، ينظر : التعريفات ٢٢٤ ، والتوقيف على مهمات التعاريف ٥٨١. وينظر أحكام القسامة في تفسير القرطبي ١ / ٤٥٧ ـ ٤٦٢.
(٣) في ك وع : متعدين.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ١ / ٤٥٦ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ١١٢ ـ ١١٣.
(٥) من المصحف.
(٦) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٤٣ ـ ٤٤ ، وتفسير الطبري ١ / ٤٧٩ ، ومجمع البيان ١ / ٢٥٤.
(٧) ساقطة من ك. وينظر : تفسير الطبري ١ / ٤٩٦ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٦٣ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٤٥.
(٨) تفسير القرطبي ١ / ٤٤٦.
(٩) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ١٦٣ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٤٦ ، وفيهما أنها تجمع على باقر وبقير وبيقور.
(١٠) ساقطة من ك وب.
(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣.