لأجزأت عنهم ، ولكن شدّدوا فشدّد الله (١٧ ظ) على أنفسهم) (١).
و (الهزو) (٢) : مصدر أقيم مقام المفعول ، كقوله : (وَالسَّماءَ بِناءً) [البقرة : ٢٢] ، يعني : مستهزأ به (٣).
" و (الجهل) : نقيض العلم" (٤) ، والشيء المجهول ما لا يثبت معلوما مفعولا.
وقد (٥) يكون بمعنى الاعتداء (٦) ، قال الشاعر (٧) : [من الوافر]
ألا لا يجهلن (٨) أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
والوجهان محتملان ههنا ؛ لأنّ من استهزأ في غير (٩) موضع الاستهزاء كان جاهلا بقبحه ، متعدّيّا في أمره.
٦٨ ـ (يُبَيِّنْ لَنا) : تبيينك الشيء : تصييرك إيّاه بيّنا. والبيان والإبانة والاستبانة بمعنى (١٠). وهو الامتياز والاتّضاح. والتمييز والإيضاح (١١) والتّبيين : نقيض التّلبيس ، وغير التبيين.
(ما هِيَ) : استفهام عن صفة (١٢) البقرة. والاستفهام عن الصفة (١٣) قد يكون تارة بلفظ (أيش) وتارة بلفظ (ما) وتارة بلفظ (من) ، تقول (١٤) : أيش هذا ، وما هذا ، ومن هذا. والاستفهام عن (١٥) الحال والهيئة يكون بلفظ (كيف).
وفيه دليل على أنّ الصّفة لا تباين الذّات بخلاف الحال والهيئة (١٦).
وقوله : (إِنَّها) يدلّ على أنّ تخصيص العموم لا يكون نسخا وإلا لما صحّت الكناية عن الأوّل ؛ لأنّ النسخ عبارة عن الرفع والإزالة ، والتخصيص عبارة عن النصّ والإفراد (١٧).
__________________
(١) ينظر : سنن سعيد بن منصور ٢ / ٥٦٥ ، وكشف الخفاء ٢ / ٩.
(٢) الآية نفسها : (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).
(٣) ينظر : مجمع البيان ١ / ٢٥٤ ، والبيان في غريب إعراب القرآن ١ / ٩١ ، والبحر المحيط ١ / ٤١٥.
(٤) مجمع البيان ١ / ٢٥١ ، وتفسير القرطبي ١ / ٤٤٦.
(٥) مكانها في ب : ولكن قد.
(٦) ينظر : شرح المعلقات السبع ١٧٨ ، وفيه : أي لا يسفهن أحد علينا فنسفه عليهم فوق سفههم.
(٧) سبق تخريجه ص ١٥.
(٨) في ع : لا يجهل.
(٩) ساقطة من ب.
(١٠) ساقطة من ب ، وبعدها في ع : هو ، بدل (وهو). وينظر : مجمع البيان ١ / ٢٥٢.
(١١) مكانها في ع : في الإيضاح.
(١٢) ساقطة من ع. وينظر : تفسير النسفي ١ / ٤٩ ، والبحر المحيط ١ / ٤١٦ ، وتفسير القرآن العظيم ١ / ١١٤.
(١٣) النسخ الأربع : والصفة ، بدل (عن الصفة) ، والسياق يقتضي ما أثبت.
(١٤) في ع : يقول ، وعبارة (ومن هذا) الآتية ساقطة منها.
(١٥) في ب : على.
(١٦) ساقطة من ع.
(١٧) ينظر : البحر المحيط ١ / ٤٢٣ ، وإرشاد العقل السليم ١ / ١١٣.