وفي الآية دليل أنّ خلق الأرض وما فيها من الجماد مقدّم على تسوية السموات (١). وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ الله خلق (٢) الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والعمران والخراب ، وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة وآدم عليهمالسلام (٣). وأمّا قوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) [عبس : ٣٠] لا ينقض هذه الآية ، يجوز أنّه بسطها بعد ما كانت ربوة مجتمعة الأجزاء ، مضمّنة الأشياء (٤) ، وقال مجاهد (٥) : (بعد ذلك دحاها) أي : مع ذلك دحاها ، كقوله : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) [القلم : ١٣] ، (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤]. وقيل (٦) : (ثمّ) لا تقتضي تأخّر خلق السماء عن خلق الأرض ؛ لأنّها تقتضي التراخي في الإخبار لا في المخبر عنها كقوله : (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) [الأعراف : ١١].
(عَلِيمٌ)(٧) : عالم بخلقهنّ وغير ذلك (٨). والعلم رؤية تنفي الجهالة.
٣٠ ـ (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) : نزلت في خزان الجنان ، وهم ملائكة خلقوا من نار السّموم ، وكان إبليس معهم ، وكانوا يسمون (٩) الجن ، وهذا في رواية الضحّاك والسّدّي عن ابن عبّاس ، وأحدهما يزيد على الآخر (١٠). ويحتمل في شأن جميع الملائكة (١١).
[التقدير :](١٢) واذكر إذ قال (١٣) ، وابتدأ خلقكم إذ قال (١٤).
والألف واللام في الملائكة للجنس ، وعن ابن عبّاس للمعهود ؛ لأنّ ذكر (١٥) هؤلاء كان متقدّما في الكتب المتقدّمة.
__________________
(١) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٢٨١ ، والقرطبي ١ / ٢٥٥ ، وتيجان البيان ٧٤ ـ ٧٥.
(٢) بعدها في ك : السموات ، وهي مقحمة.
(٣) ينظر : تاريخ الطبري ١ / ٣٤.
(٤) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، وتفسير القرطبي ١ / ٢٥٥ ، والنسفي ١ / ٣٥.
(٥) ينظر : تفسير القرآن ١ / ١٦٢ ، وتفسير الطبري ٣٠ / ٥٨ ـ ٥٩ ، ومجمع البيان ١٠ / ٢٦١.
(٦) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٢٧ ، ومجمع البيان ١ / ١٤٤ ، وتفسير البيضاوي ١ / ٢٧٤.
(٧) مكانها في ك وع : عليهالسلام ، وفي ب : عليهمالسلام.
(٨) ينظر : تفسير القرطبي ١ / ٢٦١.
(٩) في ك : يسمعون. وينظر : تفسير الخازن ١ / ٣٤ ـ ٣٥ ، والدر المنثور ١ / ٤٥.
(١٠) ينظر : تفسير الطبري ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ و ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، والبحر المحيط ١ / ٢٨٩.
(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ١٣٣ ، وزاد المسير ١ / ٤٦ ، والتفسير الكبير ٢ / ١٦٥.
(١٢) يقتضيها السياق.
(١٣) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣١٠ ، والوجيز ١ / ٩٨ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٠.
(١٤) (وابتدأ خلقكم إذ قال) ليس في ب. وينظر : معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٠٨ ، والنكت والعيون ١ / ٨٥ ، وزاد المسير ١ / ٤٦.
(١٥) في ب : ذكره.