وإن السبب الأول فى اهتمام العلماء الأول ، بتفسير كل كلمة فى القرآن ، إنما يرجع إلى أنه هو نفسه الذى بين أيدينا. والذى ظل منذ أوحى به ، دون تحريف أو تبديل ، هو كلام الله ، وكلمته الأخيرة. الموحى بها إلى البشرية ، ولا شك أن كلام الله لا بد أن يحتوى من الحكم والأسرار ، ما لا يمكن أن يشابهه فيه كلام البشر.
هكذا آمن المسلمون على مر عصورهم ، وعن هذا الإيمان انبعثت جهودهم فى تفسيره ، محاولة للكشف عن أسراره.
رأى العلماء الأول أن تفسير القرآن معناه ـ معرفة كل شىء ، لأنه يحتوى كل شىء.
قال ابن أبى الفضل المرسى : «جمع القرآن علوم الأولين والآخرين ، حتى قال بعض السلف : «لو ضاع لى عقال بعير لوجدته فى كتاب الله تعالى»
وقال أبو بكر ابن العربى : «علوم القرآن خمسون علما ، وأربعمائة علم ، وسبعة آلاف علم. وسبعون ألف علم ، على عدد كلم القرآن ، مضروبة فى أربعة ، إذ لكل ظهر وبطن ، وحدّ ومطلع.
ومن المعروف ، أن كل الطوائف والفرق ، والاتجاهات المنتسبة إلى الإسلام ، اتخذت من تفسير آيات القرآن الكريم ـ أو بعضها ـ وسيلة أساسية ، لتأييد ما تقول به من آراء ، ومعتقدات ، وأحكام .. من هنا ـ فإن التصدى لتفسير القرآن ، كان مجالا رئيسيا ، التقت عليه كل الطوائف والاتجاهات ، والنزعات الإسلامية أو المنتسبة إلى الإسلام ...
ذلك أن المبدأ ، أو الحكم ، أو الرأى الذى تؤيده آيات القرآن ، يحظى على الفور بصفته استحقاق القبول من جماهير المسلمين .. كما أن الرأى الذى