يدل على مبلغ علم الله تعالى ، المحيط بالكون المرئى ، وغير المرئى ، وما لا يعلمه إلّا رب العباد.
والملائكة على قربهم من ربهم ، واطلاعهم على اللوح المحفوظ ، فإنهم لا يعلمون إلّا الأشياء التى علّمها لهم ربهم عزوجل (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن : ٢٦]
ثم ذكر الحق ـ عز شأنه ـ مكرمة عظيمة لآدم ، امتن بها على ذريته ، بجانب تلك المكرمتين : ذكره فى الملأ الأعلى واستخلافه ، وتعليمه الأسماء كلها ، تلك هى إسجاد الملائكة له جميعا. وقد كان ذلك بعد نفخ الروح فيه ، وقبل أن يختصه بالعلم. وقد دخل إبليس فى خطابهم ، لأنه تشبه بهم ، وتوسم بأفعالهم ، فلما أمروا بالسجود لآدم ، سجدت الملائكة ـ إلا إبليس ، أبى واستكبر ، كما كان حدّث نفسه من الكبر والاغترار ، فقال : لا أسجد له وأنا خير منه ، وأكبر سنا ، وأقوى خلقا ، خلقتنى من نار ، وخلقته من طين ، والنار أقوى من الطين ..
فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله ، وآيسه من الخير كله ، وجعله شيطانا رجيما ، عقوبة له على معصيته.
ومن المهم أن نعلم .. أن الله تعالى أسجد لآدم كل الملائكة بدون استثناء أحد ، يدل على ذلك قول الحق سبحانه (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلَّا إِبْلِيسَ ..)
ففيها أربعة أوجه مقوية للعموم : لفظ الملائكة ، والتأكيد بمؤكدين كل وجميع ، واستثناء الواحد من الجمع. وقد كان هذا السجود تحية لآدم ، تنفيذا وطاعة لأمر الله تعالى ، فالسجود لله يكون عبادة ، والسجود لغيره كرامة ،