قوله تعالى : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣٤) ؛ أي نتركم في النار ، ونترك مراعاتكم وحفظكم ، ولا نحفظكم من العذاب كما لم تحفظوا حقّ الله ، وتركتم الإيمان والعمل بلقاء هذا اليوم. والنسيان ضدّ الحفظ ، وقد يكون للتّرك.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً ؛) أي ذلك العذاب عليكم بسبب أنّكم اتّخذتم كتاب الله ورسوله استهزاء ، (وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) ؛ حتى قلتم لا بعث ولا حساب ، (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٣٥) أي لا يطلب رضاهم ، ولا يقالون ؛ لأنه لا يقبل في ذلك اليوم استقالة (١) وقد انقطعت المعاينة فلا يجابون ، ولا يقبل لهم في «ذلك» اليوم عذر ولا توبة.
قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣٦) ؛ أي لله الشّكر على عظيم نعمائه على الخلائق كلّهم ، (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) وهو المختصّ بالكبرياء في السّموات والأرض ، وله العظمة والجبروت فيهما ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ ؛) في ملكه وسلطانه ، (الْحَكِيمُ) (٣٧) ؛ في قضائه وأمره (٢) له وحده في أعلى مراتب التّعظيم لأنه سبحانه لا يجوز عليه صفة النقص ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [يقول الله : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، من نازعني واحدة منها ألقيته في جهنّم](٣).
آخر تفسير سورة (الجاثية) والحمد لله رب العالمين.
آخر المجلد الخامس
من التفسير الكبير للإمام الطبراني
__________________
(١) في المخطوط : (أن ذلك استقالوا).
(٢) أدرج الناسخ عبارة : «قاله رسول الله صلىاللهعليهوسلم» في المتن ، وهو غير مناسب.
(٣) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٤٣٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه) وذكره.