قوله تعالى : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) (٦٩) ؛ أي يقال للمتّقين : يا عبادي لا خوف عليكم من أهوال القيامة وما بعدها ، ولا أنتم تحزنون إذا حزن الناس ، فقوله : (الَّذِينَ) موضع نصب على النعت لعبادي ، لأن عبادي منادى مضاف.
وقوله تعالى : (وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أي خاضعين منقادين ، يقال لهم : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) (٧٠) ؛ أي لأنتم وحلائلكم المؤمنات تكرمون غاية الإكرام بالتّحف والهدايا. ويقال : معنى : تحبرون : تسرّون ، والحبور السّرور.
قوله تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ ؛) أي يطوف عليهم خدمهم بقصاع من ذهب فيها من أنواع الأطعمة اللّذيذة الشّهيّة ، وواحد الصّحاف : صحفة ؛ وهي القصعة الواسعة العريضة ، وقوله تعالى : (وَأَكْوابٍ ؛) أي وأكواب من ذهب ، والأكواب جمع الكوب ، وهو إناء مستدير مدوّر الرأس لا عروة له. وقيل : الأكواب هي الأباريق التي لا خراطيم لها ولا أذن.
قوله تعالى : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ؛) أي في الجنّة ما تتمنّى الأنفس وتستحسنه الأعين ، (وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧٢) ؛ من الأعمال الصالحة ، (لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ ؛) ألوان الفاكهة الكثيرة ، (مِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٣).
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ) (٧٤) ؛ أي إنّ المجرمين في عذاب جهنّم دائمون ، (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ؛) أي يرفّه عنهم ولا يهوّن عليهم ، (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٧٥) ؛ أي آيسون من الرّوح والرّاحة.
والإبلاس هو : اليأس من الخير ، والمبلس هو الساكت المنقطع ليأسه من الفرح ، (وَما ظَلَمْناهُمْ ؛) بهذا العذاب ، (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) (٧٦) لأنفسهم بالكفر والمعاصي.
وفي قراءة ابن مسعود (الظّالمون) بالرفع على لغة تميم يعملون المضمر قبله ، وأما على القراءة التي ليست في المصحف (فهم) زيادة وفصل لا موضع لها من