قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ؛) معناه : ووصفوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن أنّهم بنات الله ، وقرئ (عبد الرّحمن) وكلّ صواب ، وقد جاء القرآن بالأمرين معا ، وذلك قوله (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(١) وقوله (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ)(٢) ، وفي قوله تعالى (عِبادُ الرَّحْمنِ) دلالة على رفع المنزلة والقربة من الكرامة (٣).
وقوله تعالى : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ؛) معناه : أحضروا عند خلقهم فعلموا ذلك ، والشهادة هاهنا من الحضور ، ووبّخهم الله على ما قالوا ما لم يشاهدوه. وقرأ نافع : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) بهمزة الاستفهام وتخفيف الهمزة الثانية على معنى أحضروا وعاينوا خلقهم حتى علموا أنّهم أناث ، وهكذا كقوله (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ)(٤).
قال ابن عبّاس : (يريد : أحضروا وعاينوا خلقهم؟) ، قال الكلبيّ : (لمّا قالوا هذه المقالة سألهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : [ما يدريكم أنّهم إناث؟] قالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنّهم لم يكذبوا أنّهم إناث) (٥) فقال الله : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١٩) ؛ عنها في الآخرة.
__________________
ـ عن ابن عباس إسناده ضعيف. وفي الأوسط : الحديث (٣٦٢٩) عن عمر بن الخطاب بإسناد ضعيف. وأخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٩٦ و١١٥. وابن ماجة في السنن : كتاب اللباس : باب لبس الحرير : الحديث (٣٥٩٥). وابن حبان في الإحسان : الحديث (٥٤٣٥) عن علي رضي الله عنه ، بإسناد حسن إن شاء الله.
(١) الأنبياء / ٢٦.
(٢) الأعراف / ٢٠٦.
(٣) تفصيل لهذه القراءات ، ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٤ ص ٦٩. والحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٣٧٠ ، والخلاف الحاصل لما روي من حوار بين ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير ، كما في الدر المنثور : ج ٧ ص ٣٧١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه).
(٤) الصافات / ١٥٠.
(٥) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ١٨٧. وفي معالم التنزيل : ص ١١٦١ ؛ قال البغوي : (قال الكلبي ومقاتل) وذكره.