الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢١) ؛ أي وجيع في الآخرة (تَرَى الظَّالِمِينَ) ، الذين يكذبونك خائفين يوم القيامة ، (مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا ؛) من الكفر والتكذيب ، (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ ؛) أي وجزاؤه واقع بهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ ؛) الرّوضة : هي البستان الجامع لأنواع الرّياحين ، والجنّة هي البستان الجامع لأنواع الشّجر ، (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؛) من النعيم في حكمة ربهم ، (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٢٢) ؛ أي المنّ العظيم من الله تعالى.
قوله تعالى : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ؛) أي ذلك الذي سبق ذكره من النعيم يبشّر الله عباده المؤمنين المخلصين.
قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؛) أي لا أسألكم على تبليغ الرسالة ؛ أي تعليم الشريعة أجرا ، وهذا دأب كلّ نبيّ مع قومه ، وقوله تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؛) أي لا أسألكم عليه أجرا إلّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة. قال ابن عبّاس : (لم يكن بطن من بطون قريش إلّا ولرسول الله صلىاللهعليهوسلم قرابة فيهم) (١).
والمعنى : قل لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من الحقّ إلّا أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم. وقال مجاهد : (معناه : يا معشر قريش لا أسألكم على ما أقول أجرا ، أرقبوني في الدّعاء بيني وبينكم ، ولا تعجلوا إليّ ودعوني والنّاس). وقال الحسن : (معناه : إلّا أن تؤدّوا إلى الله فيما يقرّبكم إليه من العمل الصّالح) (٢).
وعن ابن عبّاس قال : (لمّا نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الّذين يأمرنا الله بمودّتهم؟ قال : [عليّ
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢٣٦٨٤ و٢٣٦٨٥). والطبراني في المعجم الأوسط : الحديث (٩٦٠٠) بمعناه ، و (٧٢٦٠).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٥٨.