أنتما؟ قالا : رسولا عيسى عليهالسلام ندعوكم إلى عبادة الله تعالى ، قال : هل معكما آية؟ قالا : نعم ؛ نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى. فقال الشيخ : إنّ لي إبنا مريضا صاحب فراش منذ سنين ، قالا : فانطلق بنا إليه.
فانطلق بهما إليه ، فمسحا ابنه فقام من ساعته صحيحا بإذن الله تعالى. ففشا الخبر في المدينة ، وشفى الله على أيديهما كثيرا من المرضى ، وآمن حبيب النجّار ، وجعل يعبد الله تعالى في غار جبل في أبعد أطراف المدينة.
فسمع الملك بخبر هذين الرّسولين ، وكان يعبد الأصنام ، فدعا لهما فأتياه ، فقال لهما : من أنتما؟ قالا : رسولا عيسى عليهالسلام ندعوك إلى عبادة الله تعالى ، قال : وما آيتكما؟ فقالا : نبرئ الأكمه والأبرص ، فغضب الملك وأمر بهما فحبسا ، وجلد كلّ واحد منهما مائة جلدة.
فلمّا كذّب الرسولان ، بعث عيسى رسولا ثالثا يقال له : شمعون المصفّي على إثرهما لينصرهما ، فدخل شمعون البلد متنكّرا ، وجعل يعاشر حاشيته حتى أفشوا به ، فرفع خبره الى الملك فدعاه فأكرمه وأنس به. فقال له ذات يوم : أيّها الملك ؛ بلغني أنّك حبست رجلين في السّجن وضربتهما حين دعياك الى دين غير دينك ، فهل كلّمتهما وسمعت قولهما؟ قال : لا ، قال : فإن رأى الملك أن يدعوهما ويسمع قولهما حتى يطّلع على ما عندهما.
فدعاهما الملك ، فقال لهما شمعون : من أرسلكما؟ قالا : الله الذي خلق كلّ شيء وليس له شريك. فقال لهما شمعون : صفاه وأوجزا ، فقالا : إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، قال شمعون : وما آيتكما؟ قالا : ما تتمنّاه.
فأمر الملك حتى جاؤا بغلام مطموس العينين ، موضع العينين كلّ لجهة ، فما زالا يدعوان الله حتى انشقّ موضع البصر ، ثم أخذا بندوقتين فوضعتا في الحدقتين ، فصارتا مقلتين يبصر بهما ، فعجب الملك من ذلك.
فقال شمعون للملك : إن سألت إلهك أن يصنع مثل هذا ، فصنعه كان لك ولآلهتك الشرف. فقال الملك : ليس لي عنك سرّ أسرّه إليك : إنّ إلهنا الذي نعبده لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع.