قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ؛) أي يقولون بعد دخولهم الجنّة : (الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن) أي حزن الموت وأهوال يوم القيامة ، وقيل : حزن المعاش وهموم الدّنيا ، فإنّ الدنيا سجن المؤمن. وقال عكرمة : (حزن الذّنوب والسّيّئات) ،
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [ليس على أهل لا إله إلّا الله وحشة في قبورهم ، ولا في محشرهم ، كأنّي بأهل لا إله إلّا الله يخرجون من قبورهم وهم ينفضون التّراب عن رؤوسهم وهم يقولون : الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن](١).
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (٣٤) ؛ أي متجاوز عن الذنوب ، يقبل اليسير من العمل ، ويعطي الجزيل من الثواب. قوله تعالى : (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ ؛) أي دار المقام وهي الجنة ، (مِنْ فَضْلِهِ) ، بتفضّله لا بالأعمال. وسمي دار المقامة لأن من دخلها يخلد لا يموت ، ويقيم فيها لا يحوّل. قوله تعالى : (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ ؛) أي لا يمسّنا فيها تعب ؛ (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (٣٥) ؛ أي مشقّة وتعب وإعياء وقبور.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ ؛) أي الذين كفروا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن لهم في الآخرة نار جهنم ، (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ؛) فلا يقضى عليهم بموت فيستريحون من العذاب ، (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها ؛) من عذاب النار طرفة عين. قرأ الحسن : (فيموتون) بالنّون ولا يكون حينئذ جوابا للنفي ، والمعنى : لا يقضى عليهم ولا يموتون كقوله (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)(٢).
قوله تعالى : (كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) (٣٦) ؛ أي هكذا يجزى في الآخرة كلّ كفور بنعم الله تعالى. قرأ العامّة (نَجْزِي) بالنون ونصب اللام ، وقرأ أبو
__________________
(١) رواه الطبراني في الأوسط : ج ١٠ : الحديث (٩٤٧٤). وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٣٣٣ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم.
(٢) المرسلات / ٣٦.