جماد لا تنفع ولا تضرّ ، (وَلَوْ سَمِعُوا) ؛ بأنّ الله خلق فيهم السمع ، (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) ؛ أي يتبرّؤن منكم ومن عبادتكم كما قال الله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا)(١) والمعنى بقوله : (يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) اي يتبرّؤن من عبادتكم ، يقولون : ما كنتم إيّانا تعبدون.
قوله تعالى : (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤) ؛ معناه : لا يخبرك بحقائق الأمور وعواقبها إلّا الله ؛ لأنه عالم بكلّ الأشياء ، لا يخفى عليه منها شيء ، ولا تلحقه المضارّ والمنافع.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) ؛ أي المحتاجون إليه وإلى نعمه ومغفرته حالا بعد حال ، (وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ ؛) عن إيمانكم وطاعتكم ، (الْحَمِيدُ) (١٥) ؛ أي المحمود في أفعاله عند خلقه. وإنّما أمركم بطاعته لتنتفعوا بها لا حاجة به إليها ، (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ؛) أي إن يشأ يهلككم ، (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٦) ، ويأت بخلق أطوع منكم ، (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (١٧) ؛ أي ليس إهلاككم وإتيانه بمثلكم على الله ممتنع.
قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ؛ أي لا تحمل يوم القيامة حمل حاملة أخرى ؛ أي لا تؤخذ نفس بذنب غيرها ، (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) ؛ بالذّنوب ، (إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) ، إلى أن يحمل عنها شيء من ذنوبها لا تحمل من ذنوبها شيء ، (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ، ولو كانت المدعوّة ذات قرابة من الداعية لما في ذلك من غلط حمل الآثام ، ولو تحمّلته لا يقبل حملها ؛ لأن كلّ نفس بما كسبت رهينة ، فلا يؤخذ أحد بذنب غيره.
وسئل الحسن بن الفضل عن الجمع بين هذه الآية وبين قوله (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) فقال (قوله (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) يعني طوعا ، وقوله (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ)(٢) يعني كرها). قال ابن عبّاس : في
__________________
(١) البقرة / ١٦٦.
(٢) العنكبوت / ١٣.