قوله تعالى : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ؛) المشكاة في لغة الحبشة : كوّة غير نافذة ، والمصباح :
هو السّراج في القنديل من الزّجاج الصّافية. وقيل : المشكاة : عمود القنديل الذي
فيه الفتيلة. وقال مجاهد : (هي القنديل) ، قال الزجّاج : (النّور في الزّجاج ، وضوء النّار أبين
منه في كلّ شيء ، وضوؤه يزيد في الزّجاج ويتضاعف حتّى يظهر منه ما يقابله مثله) .
قوله تعالى : (فِيها مِصْباحٌ) أي سراج ، وأصله من الضّوء ، ومن ذلك الصّبح ، ورجل
صبيح الوجه إذا كان وضيئا ، وفرّق قوم بين المصباح والسّراج ؛ فقالوا : المصباح
دون السّراج ، والسراج أعظم من المصباح ؛ لأن الله تعالى سمّى الشمس سراجا ، وقال
في غيرها من الكواكب (وَلَقَدْ زَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ).
ثم وصف الله
الزجاجة التي فيها المصباح ؛ فقال : (الْمِصْباحُ فِي
زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ؛) شبّه القنديل الذي يكون فيه السّراج بالكوكب الدّرّيّ ؛
وهو النجم المضيء ، ودراري النّجوم كبارها ، وقوله (درّيّ) نسبة إلى أنه كالدّرّ
في صفائه وحسنه ، كأنّ الكواكب درّة بيضاء.
قرأ أبو عمرو
والكسائيّ : (درّئّ) بكسر الدال مهموز ممدود ؛ وهو فعّيل من الدّرء بمعنى الدّفع ،
يقال : درء يدرأ إذا دفع ، فكأنه تلألؤ يدفع أبصار الناظرين إليه. ويقال : كأنه
رجم به الشياطين فدرأهم ؛ أي دفعهم بسرعة في الانقضاض ، وذلك أضوء ما يكون.
وقرأ حمزة وأبو
بكر : مضمومة الدال مهموز ممدود ، قال أكثر النّحاة : هو لحن ؛ لأنه ليس في كلام
العرب ، فقيل بضمّ الفاء وكسر العين ، وأنكره الفرّاء والزجّاج وأبو العباس ، وقال
: (هذا غلط ؛ لأنّه ليس في كلام العرب شيء على هذا
__________________