فقال بعضهم : هي صلة يغضّوا أبصارهم. وقال بعضهم : هي ثابتة في الحكم ؛ لأن المؤمنين غير مأمورين بغضّ البصر أصلا وإنّما أمروا بالغضّ عمّا لا يحلّ. قوله تعالى : (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ؛) يعني عن الحرام ، قال صلىاللهعليهوسلم : [اضمنوا لي شيئا من أنفسكم أضمن لكم الجنّة : اصدقوا إذا حدّثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدّوا إذا اؤتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضّوا أبصاركم ، وكفّوا أيديكم](١).
وقال صلىاللهعليهوسلم : [النّظر إلى محاسن المرأة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن ردّ بصره ابتغاء ثواب الله أبدله الله بذلك ما يسرّه](٢). وقوله تعالى : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ ؛) أي أطهر وأصلح عند الله ، (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٣٠) ؛ في الفروج والأبصار.
قوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ؛) أي قل لهنّ يكففن أبصارهن عن ما لا يجوز ، (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ،) عن الحرام. وقيل : (يحفظن فروجهنّ) أي يستترن حتى لا يرى فروجهن أحد.
قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها ؛) أي لا يبدين مواضع زينتهنّ إلّا ما ظهر من موضع الزّينة. والزّينة زينتان : ظاهرة وباطنة ، فالباطنة : المخانق والمعاضد والقلادة والخلخال والسّوار والقرط والمعاصم. وأما الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم والخضاب ، فليس على المرأة بحكم إلّا هذا (٣) به ستر وجهها وكفّيها في الصلاة.
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٢٢٣. والبيهقي في السنن الكبرى : الحديث (١٢٩٦٠).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير : الحديث (١٠٣٦٢). والحاكم في المستدرك : كتاب الرقاق : الحديث (١٩٤٥). والقضاعي في مسند الشهاب : الحديث (٢٩٢).
(٣) المعنى : أن الزينة الظاهرة هي محل الحكم ؛ لأنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج ، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما. وذهب المصنف رحمهالله إلى هذا الوجه من التفسير ، ومعه الدليل ولم يرجّح الرأي الثاني مع حسنه أيضا. ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ١٢ ص ٢٢٩.