الخامسة : أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من ذلك. فقال القوم : آمين.
فقال صلىاللهعليهوسلم : [يا خولة ويحك! إن كنت ألممت بذنب فأقرّي به ، فإنّ الرّجم بالحجارة في الدّنيا أيسر عليك من غضب الله في الآخرة ، وإنّ غضبه عذابه] فقالت : يا رسول الله كذب. فأقامها مقامه ، فقالت : أشهد بالله ما أنا زانية ، وإنّه لمن الكاذبين ، ما رآه على بطني. أشهد بالله لقد برئت من الزّنا وبرئ شريك بن سحماء منّي ، وإنّه لمن الكاذبين. أشهد بالله لقد قربني منذ أربعة أشهر وإنّ ما في بطني لهلال ، وإنّه لمن الكاذبين. وقالت في الخامسة : أنّ غضب الله عليها إن كان من الصّادقين. ثمّ فرّق رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : [المتلاعنان لا يجتمعان أبدا](١).
قوله : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ ؛) أي يدفع عنها الحدّ : (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٩) ؛ وقرأ حفص : (وَالْخامِسَةَ) بالنصب ، كأنه قال : وشهد الخامسة. وقرئ (فشهادة أحدهم أربع شهادات) بالرفع في قوله (أربع) على أنّها خبر المبتدأ ، ويقرأ بالنصب على معنى : فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات (٢).
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ؛) محذوف الجواب ؛ تقديره : لو لا فضل الله عليكم ورحمته لفضحكم بما تركبون من الفواحش ، ولعجّلكم بالعقوبة من غير إمهال ، ولبيّن الصادق من الكاذب ، فيقام الحدّ على الكاذب (وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠) ؛ أي توّاب على من رجع عن معاصي الله ، حكيم فيما فرض من الحدود.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ؛) وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين نسائه ، فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم معه.
__________________
(١) الحديث عن ابن عمر ، أخرجه الدارقطني مختصرا في السنن : كتاب النكاح : باب المهر : الحديث (١١٦) بإسناد جيد ، والحديث (١١٧) عن علي وعبد الله قال : [مضت السّنّة في المتلاعنين أن لا يجتمعا أبدا]. وإسناده موقوف حسن.
(٢) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ٨٩.