ونحن إذا التمسناهم قضى الرّجل حاجته وخرج. وكان لعاصم هذا ابن عمّ يقال له عويمر ، وكانت له امرأة يقال لها خولة بنت قيسي ، فأتى عويمر عاصما فقال : لقد وجدت شريك بن سحماء على بطن امرأتي خولة ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الجمعة الأخرى ، فقال : يا رسول الله ؛ ما أسرع ما ابتليت بالسّؤال الّذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : [وما ذاك؟] قال : يا رسول الله ؛ أخبرني عويمر أنّه رأى شريك بن سحماء على بطن امرأته خولة.
وكان عويمر وخولة وشريك كلّهم بني عمّ عاصم ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهم جميعا ، وقال لعويمر : [اتّق الله ؛ اتّق الله في زوجتك وخليلتك وابنة عمّك فلا تعذّبها بالبهتان] فقال : يا رسول الله ؛ أقسم بالله أنّي رأيت شريكا على بطنها. فقال صلىاللهعليهوسلم : [اتّق الله وأخبريني بما صنعت] فقالت : يا رسول الله ؛ إنّ عويمرا رجل غيور ، وإنّه رآني وشريكا نتحدّث ، فحملته الغيرة على ما قال).
وروى عكرمة عن ابن عبّاس : (لمّا نزل قوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) قال سعد بن عبادة : والله لو أتيت لكاع وقد تفخّذها رجل لم يكن لي أن أقتله ولا أهيّجه ولا أخرجه حتّى آتي بأربعة شهداء ، ولم يأت بهم حتّى فرغ من حاجته ويذهب! فإن قلت بما رأيت ضربتم ظهري ثمانين جلدة!
فقال صلىاللهعليهوسلم : [يا معشر الأنصار ألا تسمعون إلى ما يقول سيّدكم!؟] قالوا : لا تلمه فإنّه رجل غيور ، ما تزوّج امرأة قطّ إلّا بكرا ، ولا طلّق امرأة فاجترأ أحد منّا أن يتزوّجها. فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله! بأبي وأمّي أنت ، والله إنّي لأعرف أنّها من الله وأنّها لحقّ ، ولكنّني عجبت من ذلك. فقال صلىاللهعليهوسلم : [والله يأبى إلّا ذلك؟] فقال : صدق الله ورسوله.
فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى جاء هلال بن أميّة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس مع أصحابه ، فقال : يا رسول الله ؛ إنّي جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع امرأتي يزني بها ، رأيت بعيني وسمعت بأذني. فكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أتى به ، وثقل عليه حتّى عرف ذلك في وجهه ، وقال هلال : يا رسول الله ؛ إنّي لأرى الكراهة في وجهك