النون فمعناه : وبأنّ هذه ، وقيل : واعلموا إنّ هذه أمّتكم أمة واحدة ، أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام ، ومن خفّف مع الفتح جعل (أن) صلة ، وتقديره : وهذه أمّتكم ، وقيل : تكون مخفّفة من الثقيلة كقوله تعالى (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)(١).
قوله تعالى : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً ؛) معناه : أنتم أهل ملّة واحدة فلا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرا ؛ أي فرقا ، وقيل : معناه : كتبا مختلفة ديوانها ، فكفروا بما سواها كاليهود آمنوا بالتوراة وكفروا بالإنجيل والقرآن ، والنصارى آمنوا بالإنجيل وكفروا بالقرآن. وقرئ (زبرا) بفتح الباء ومعناه قطعا وجماعات ، ومنه زبر الحديد قطعه.
قوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٥٣) ؛ أي كلّ طائفة بما عندهم من الاعتقاد معجبون ، فاتركهم في ضلالتهم وجهالتهم إلى أن يأتيهم ما وعدوا به من العذاب. وقيل : إلى أن يموتوا فيظهر لهم الحقّ من الباطل عند المعاينة في القيامة. وقيل : كلّ حزب من المشركين واليهود والنصارى بما عندهم من الدّين راضون ، يرون أنّهم على الحقّ ، (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ) (٥٤) ؛ أي في ضلالتهم وجهالتهم وغفلتهم حتى يرون العذاب بالسّيف أو بالموت ، يعني : كفار مكّة.
قوله تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ ؛) أي يظنّون أنّ إمدادنا إياهم بالمال والبنين مسارعة منا لهم في الخيرات لكرامتهم علينا ومنزلتهم عندنا ، (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٦) أن ذلك استدراج لهم وإملاء إلى حين.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) (٥٧) أي حذرون من عذابه ، والإشفاق هو الخوف ، يقال : أنا مشفق من هذا الأمر ؛ أي خائف ، (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (٥٨) ؛ أي يصدّقون بالقرآن أنه من عند الله ، (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ) (٥٩) ؛ معه غيره ،(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما
__________________
(١) يونس / ١٠. ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.