أي اعملوا ما أمركم به الله وأطيعوه في أمره ونهيه. قوله تعالى : (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٥١) ؛ ظاهر المعنى.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّبا ، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) وقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ)(١) ، ـ ثمّ ذكر ـ الرّجل (٢) يطيل السّفر أشعث أغبر ، يمدّ يده إلى السّماء : يا رب يا رب! مطعمه حرام ؛ ومشربه حرام ؛ وملبسه حرام ؛ وغذّي بالحرام ، فأنّى يستجاب له؟!](٣). ويروى عن عيسى : كان يأكل من غزل أمّه (٤) ، وكان نبيّنا صلىاللهعليهوسلم كان يقول : [جعل رزقي تحت ظلّ رمحي ، وجعل الذّلّ والصّغار على من خالفني](٥) فبيّن أن رزقه من الغنيمة وأطيب الطيّبات الغنيمة.
قوله تعالى : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ؛) أي دينكم ودين من قبلكم دين واحد. وقيل : جماعتكم جماعة واحدة كلّكم عباد الله ، (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (٥٢) ؛ أي فاتّقوا عذابي ، وافعلوا ما أمرتكم به واتركوا ما نهيتكم عنه.
قرأ الكوفيّون : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ) بكسر الهمزة على الابتداء. وقرأ الباقون بفتحها مع التشديد ، وخفّف النون ابن عامر مع فتح الهمزة ، فمن فتح الهمزة وشدّد
__________________
(١) البقرة / ١٧٢.
(٢) الجملة من كلام الراوي ، والضمير فيه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. والرجل : بالرفع مبتدأ مذكور على سبيل الحكاية من لفظ سيدنا الرسول محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ويجوز أن ينصب على أنه مفعول (ذكر).
(٣) رواه مسلم في الصحيح : كتاب الزكاة : باب قبول الصدقة من الكسب الطيب : الحديث (٦٥ / ١٠١٤ و ١٠١٥). والإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٣٢٨ و ٤٠٠. والترمذي في الجامع : أبواب التفسير : باب ومن سورة البقرة : الحديث (٢٩٨٩).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٩٣١٩) عن عمرو بن شرحبيل.
(٥) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٩٢. وعلقه البخاري في الصحيح : كتاب الجهاد : باب ما قيل في الرماح ؛ وقال : (ويذكر عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم). وفي مجمع الزوائد : ج ٥ ص ٢٦٧ ؛ قال الهيثمي : (رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وثقه ابن المديني وأبو حاتم وغيرهما ، وضعفه أحمد وغيره ، وبقية رجاله ثقات).