قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً) (٨٣) ؛ أي إذا أصابته شدّة كان قنوطا من رجاء الفرج من الله ، لا يثق بفضل الله تعالى على عباده فيطمع في كشف تلك البليّة من جهته ، وهذه صفة الكافر.
قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ ؛) أي على طبعه الذي جبل عليه ، وقيل : على عادته التي ألفها ، وفي هذا تحذير من الفساد المسكون إليه ، وقيل : على فئته ، وقيل : على طريقته التي تشابه كلّ أخلافه. قوله تعالى : (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) (٨٤) ؛ أي إنّ الله يعلم أيّ الفريقين على الهدى وأيّهما على الضلالة من المؤمنين والكفّار.
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ؛) اختلفوا في الذي سألوا عنه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قال بعضهم : سألوه عن جبريل قد سمّاه الله روحا في قوله تعالى (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا)(١) ، وعن عليّ رضي الله عنه قال : (إنّ الرّوح ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه ، في كلّ وجه سبعون ألف لسان يسبح الله تعالى بكلّ لسان من هذه الألسنة ، فسألوه عن ذلك الملك) (٢).
وعن عبد الله بن مسعود قال : (كنت أمشي مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فمرّ بقوم من اليهود ، فقال بعضهم : اسألوه عن الرّوح ، وقال بعضهم : لا تسألوه ، ثمّ أتاه نفر منهم فقالوا له : يا أبا القاسم ما تقول في الرّوح؟ فسكت ، ثمّ قام فاشتدّ بيده على جبهته ، فعرفت أنّه ينزل عليه وحي ، فنزل قوله تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ...) الآية) (٣).
وعن ابن عبّاس : (أنّ اليهود اجتمعوا فقالوا لقريش : سلوا محمّدا في ثلاث ، فإن أخبركم باثنين وأمسك عن الثّالثة فهو نبيّ ، سلوه عن فتية مضوا في الزّمان ، وعن رجل بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، واسألوه عن الرّوح. فسألوه عن ذلك ، فأنزل الله
__________________
(١) الشورى / ٥٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧١٠٩) وهو منقطع عن علي فيه مجهول.
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : سورة (١٧) : الحديث (٤٧٢١).