تعالى : (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ؛) أي في البرّ على الدواب ، وفي البحر على السّفن. قوله تعالى : (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ؛) أي لذيذ المطاعم والمشارب ، قال مقاتل : (السّمن والزّبد والتّمر والحلواء والعسل).
قوله تعالى : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠) ؛ أي فضّلناهم على كثير من حيوانات البرّ والبحر ، ومن تفضيلهم أنّهم يأكلون بالأيدي ، وغيرهم من الحيوانات يأكلون بالأفواه. ويقال : إنّ ابن آدم يمشي منتصبا قائما وسائر الحيوانات تمشي منكبّة.
ولم يقل في الآية : على كلّ من خلقنا ؛ لأن الله فضّل الملائكة كما قال تعالى : (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)(١) ولكنّ ابن آدم مفضّل على سائر الحيوانات ، وقال عطاء في هذه الآية : (ولقد كرّمنا بني آدم بتعديل القامة وامتدادها) ، وقال محمّد بن كعب : (بأن جعل محمّدا صلىاللهعليهوسلم منهم). وقيل : بحسن الصّورة ، وقيل : الرّجال باللّحا والنّساء بالذوائب.
وقيل : بتسليطهم على غيرهم من الخلائق ، وبتسخير الخلائق لهم. وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في تفسير الآية قال : [الكرامة الأكل بالأصابع](٢). وقوله : (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يعني الثّمار والحبوب ، وكلّ طعام ليّن ، ورزق الدواب التّبن والحشيش والشّوك.
قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ؛) يعني يوم القيامة وهو منصوب على معنى : واذكر يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم ؛ أي نبيّهم ، فيقال : هاتوا
__________________
(١) النساء / ١٧٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٩٨٦) من قول ابن جريج. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ص ٢٩٤ ؛ قال القرطبي : (وروي عن ابن عباس ؛ ذكره المهدوي والنحاس ؛ وهو قول الكلبي ومقاتل ؛ وذكره الماوردي). وقاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٢٦٦. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الرقم (١٣٣٤٤) عن ابن عباس. أما أنه حديث ؛ ففي الدر المنثور : ج ٥ ص ٣١٦ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الحاكم في التاريخ والديلمي عن جابر رضي الله عنه).