والأصباح جمع الصّبح). ويقال : الإصباح بكسر الألف المصدر ؛ ومعناه الدخول في ضوء النّهار.
وقوله تعالى : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ؛) لتسكنوا فيه من ظلمته في أوطانكم. وقرأ الحسن : (فالق الأصباح) بالفتح جمع صبح ، (وجاعل اللّيل سكنا) يسكن فيه خلقه. وقرأ النخعيّ : (وجعل اللّيل سكنا) على الفعل في معناه : نوّر النهار بالنور ؛ لتبتغوا من فضله ، وجعل اللّيل سكنا.
وقوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ؛) نصب الشّمس على معنى : (وجعل) ؛ لأنّ في (جاعل) معنى جعل ؛ أي جعل منازل الشمس والقمر بحسبان معلوم لا يختلف ، إذا انتهى إلى أقصى منازله رجع ، فإن الشّمس تدور على الفلك كلّه في ثلاثمائة وخمسة وستّين يوما وربع يوم ، والقمر يدور على الفلك كلّه في ثمان وعشرين ليلة ، ويكون مستورا في ليلتين ، ثم يعود إلى ما كان ، فيعرف الناس بذلك آجال عقودهم ، وأوقات معاملاتهم وعباداتهم ، وسنين أعمارهم.
والحسبان : مصدر ، يقال : فلان حسبانه على الله ؛ أي حسابه على الله. ويقال : إنّ الحسبان جمع حساب ، كما يقال : شهاب وشهبان. قوله تعالى : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٩٦) ؛ أي ذلك الذي وصف تدبير العزيز المنيع في سلطانه ، الغالب الذي لا يغلب ، العالم بمصالح مملكته.
وقوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ؛) أي هو الّذي جعل لكم النّجوم التي تختلف مواضعها من جهة الشّمال والجنوب والدبور والصبا ، لتعرفوا بها الطّرق من بلد إلى بلد (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي في المفاوز ولجج البحار في الليلة المظلمة في السّفن. فإنّ من النّجوم ما يجعله السائر تلقاء وجهه ، ومنها ما يجعله خلفه ، ومنها ما يجعله على يمينه ، ومنها ما يجعله على شماله ؛ لتظهر له الطريق التي تؤدّيه إلى بغيته. وقوله تعالى : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ ؛) أي بيّنا العلامات مفصّلة ، (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٩٧).
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ؛) أي أنشأ خلقكم من نفس آدم عليهالسلام وحدها ؛ فإنه خلقنا جميعا منه ، وخلق أمّنا حوّاء من ضلع من أضلاع