قوله عزوجل : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ؛) أي جئتمونا بلا مال ولا ولد كما خلقناكم في الابتداء ، والمعنى : أنه يقال لهم : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى.) وفي الخبر : أنّهم يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا ، قالت عائشة رضي الله عنها : (واسوأتاه! الرّجل والمرأة كذلك) فقال صلىاللهعليهوسلم : [لكلّ امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، لا ينظر الرّجال إلى النّساء ، ولا النّساء إلى الرّجال ، شغل بعضهم عن بعض](١).
قوله تعالى : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ ؛) أي وخلّفتم ما أعطيناكم من الأموال لغيركم أي خلّف عليها غيركم في دار الدّنيا ، ولم تقدّموها لأنفسكم ، (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ ،) آلهتكم ، (الَّذِينَ ،) التي ، (زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ ،) يشفعون لكم ويقرّبونكم إليّ ، (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ؛) أي وصلكم (٢).
ومن قرأ (بينكم) بالنصب فمعناه : تقطع ما بينكم ؛ أي ما كنتم فيه من الشّركة ، (وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٩٤) ؛ أنّها شفعاؤكم عند الله حين لم يقدروا عن دفع شيء من العذاب عنكم.
وقال الحسن : (معنى قوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) أي كلّ واحد على حدة) (٣). وقال ابن كيسان : (مفردين من المعبودين). وقيل : (فرادى) أي وحدانا لا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٠٥٣٦). وفي الدر المنثور : ج ٣ ص ٣٢٣ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عائشة)). وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب الأهوال : باب رحال المتقين : الحديث (٨٧٣٢) ؛ وقال : ((صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) وقال الذهبي : منقطع. والحديث أخرجه البخاري في الصحيح : كتب الرقاق : باب الحشر : الحديث (٦٥٢٧) من طريق آخر. ومسلم في الصحيح : كتاب الجنة : باب فناء الدنيا وبيان الحشر : الحديث (٥٦ / ٢٨٥٩).
(٢) على معنى : لقد تقطّع وصلكم بينكم. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٤٣ ؛ قال القرطبي :
(وفي حرف ابن مسعود ما يدلّ على النصب فيه (لقد تقطع ما بينكم) وهذا لا يجوز فيه إلا النصب ؛ لأنك ذكرت المتقطّع وهو ـ ما ـ).
(٣) في الدر المنثور : ج ٣ ص ٣٢٣ ؛ قال السيوطي : ((أخرجه أبو الشيخ عن الحسن ... وذكره)).