الله تعالى أثنى على إبراهيم عليهالسلام في آية أخرى بقوله : (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(١) والسليم : الّذي لا شكّ فيه وفي سلامته من كلّ عيب.
وقوله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً ؛) معناه : فلمّا رأى القمر طالعا ؛ (قالَ هذا رَبِّي ؛) يقال : بزغ القمر إذا ابتدأ الطّلوع ، وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَفَلَ) أي فلما غاب ، (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي ؛) أي لئن لم يرشدني ربي ويثبّتني على الطريق المستقيم ، (لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (٧٧) عن الهدي.
قوله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) أي فلمّا رأى الشمس طالعة ؛ قال : هذا الطالع ربي وهذا النور ربي ، (فَلَمَّا أَفَلَتْ ؛) أي غابت الشمس ، (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (٧٨) بالله من الأصنام والأوثان والشّمس والقمر والكواكب.
قالوا : فمن تعبد أنت يا إبراهيم؟ قال : (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ؛) أي إنّي أخلصت ديني وعبادتي وجعلت قصدي للّذي ابتدأ خلق السّموات والأرض ، (حَنِيفاً ؛) أي مائلا من الأديان الباطلة إلى دين الحقّ ميلا لا رجوع فيه ، (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٧٩) ؛ أي لست على دينكم أيها المشركون.
قوله عزوجل : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) ؛ وذلك أنّ قوم إبراهيم خاصموه في مخالفته إياهم في دينهم وخوّفوه بآلهتهم ، وقالوا : أما تخاف آلهتنا وأنت تشتمها أن تخبلك وتفسدك؟! وقالوا له : إنّ موضع أهل كذا قد تركوا عبادة الأصنام فأمحنوا وقحطوا ، وأهل موضع كذا أحسنوا عبادة الأصنام فرزقوا السّعة والخصب. فأجابهم إبراهيم عليهالسلام : (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ) أي أتخاصموني في توحيد الله ودينه ، وقد نصرني الله وعرّفني دينه وتوحيده بما نصب لي من الدلائل.
__________________
(١) الصافات / ٨٤.