(الجب) أنه جبّ مشار إليه معروف ، قال وهب : (هو بأرض الأردنّ على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب).
فلمّا أبرموا هذا التدبير وعزموا عليه تلطّفوا بالوصول إلى مرادهم ، وجاؤا إلى أبيهم ، فقالوا كما قال الله : (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) (١١) ؛ أي ما لك لا تأمنّا عليه ، فترسله معنا وإنّا له لناصحون في الرّحمة والبرّ. قوله : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ؛) أي يذهب ويجيء وينشط ؛ ويقرأ كلاهما بالنّون والياء.
والرّتع : هو التردّد يمينا وشمالا للاتساع في الملاذ. ومن قرأ (يرتع) بالياء فهو من يرتع ؛ أي يرعى ماشيته ، واللّعب : هو الفعل الذي يطلب منه التّفريح من غير عاقبة محمودة ، وهو على وجهين : مباح ومحظور ، كما قال عليهالسلام : [كلّ لعب حرام إلّا ثلاثة : ملاعبة الرّجل أهله ، ونبله بقوسه ، وتأديبه فرسه](١)(وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١٢) ؛ عن الأسواء ؛ وعن كلّ ما يخاف عليه.
قوله : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ؛) أي يحزنني ذهابكم به ؛ لأنه يفارقني فلا أراه ، (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) (١٣) ؛ ذكر شيئين : الحزن لذهابهم ، والخوف عليه أن يجده الذّئب وحده وقت غفلتهم عنه فيأكله. وكان يعقوب قد رأى في منامه كأنّ ذئبا قد عدا على يوسف ، فكان خائفا عليه ، فمن ذلك قال : (أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ.)
قوله تعالى : (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ؛) أي ونحن جماعة ترى الذّئب قد قصد ، (إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) (١٤) ؛ أي لعاجزون ، والخسران هنا العجز.
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢ ص ١٩٣ : الحديث (١٧٨٥). وفي الأوسط : ج ٨ ص ٩٠ : الحديث (٧١٧٩) من حديث عمر بإسناد ضعيف. وفي مجمع الزوائد : ج ٥ ص ٢٦٩ ؛ قال الهيثمي : ((رواه الطبراني في الأوسط والكبير والبزار ورجال الطبراني رجال الصحيح ، ما خلا عبد الوهاب بن بخت وهو ثقة)).