فأخبرهم بها كما في التّوراة ، فعجبوا منه وقالوا : من أين لك هذا يا محمّد؟ قال : [علّمنيه ربي]. وقيل : معناه : للسّائلين أي لمن سأل عن أمرهم.
قوله تعالى : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا ؛) هذه لام القسم ، تقديره : والله ليوسف وأخوه بنيامين أحبّ إلى أبينا منّا ، (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ؛) أي جماعة وكانوا عشرة ، سموا عصبة ؛ لأن بعضهم يتعصّب لبعض (١) ، ويعين بعضهم بعضا. والعصبة : ما بين الواحد إلى العشرة ، وقيل : إلى الخمسة عشر.
قوله تعالى : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٨) ؛ أي من الخاطئين في ترك العدل في المحبّة بيننا لفي خطأ بيّن من التدبير باختياره الصغيرين ، ولا منفعة له فيهما علينا مع أنّا نسعى في منافعه ونرعى له غنمه ونتعهّدها.
قوله تعالى : (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ؛) اختلفوا في قائل هذا القول ، قال وهب : (قائله سمعون) ، وقال مقاتل : (قاله روبيل) ، وقوله تعالى (أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) يعنون أبعدوه على وجه يقع به اليأس من اجتماعه مع أبيه.
قوله تعالى : (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) أي يخل لكم وجهه عن يوسف ، ويخلص محبّته لكم ، (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) (٩) ؛ أي تتوبوا بعد ذلك من هذا الذنب ، ويصلح حالتكم مع أبيكم.
قوله تعالى : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ ؛) قال أكثر المفسّرين : القائل بهذا هو يهودا ، وكان أعقلهم وأشدّهم قوة ، والمعنى أنه قال لهم اطرحوه في قعر البئر ، (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ؛) على الطريق. والغيابة : هو الموضع الذي غاب عن بصرك ، والجبّ : هو البئر التي لم يطو بالحجارة.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) (١٠) ؛ معناه : قال لهم : إن كنتم لا بدّ فاعلين به أمرا فاعدلوا إلى هذا الأمر ، وإلّا فاتركوا كلّ ذلك. والظاهر من قوله
__________________
(١) في المخطوط : (يبغض بعضا) وهو تصحيف.