قوله تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ؛) أي لا تميلوا إلى الذين ظلموا بالأنس بهم والمحبّة والرضا بفعلهم ، قال السديّ : (ولا تداهنوا الظّلمة) ، وقال أبو العالية : (لا ترضوا بأعمالهم) (١) ، وقال عكرمة : (هو أن يحبّهم) ، وقال قتادة : (ولا تلحقوا المشركين) (٢).
قوله تعالى : (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) أي فتصيبكم كما تصيبهم ، (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ؛) من أعوان يدفعون عنكم عذاب الله ، (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (١١٣) ؛ على أعدائكم ؛ لأنّ الله تعالى إنما ينصر المطيعين.
قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ؛) أي وقت الغداة والعصر ، (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ؛) أي ساعة بعد ساعة من الليل ، يعني صلاة المغرب والعشاء. والزّلفى جمع الزّلفة ؛ وهي الساعة القريبة من أوّل الليل.
ويقال : إن صلاة الظّهر داخلة في قوله (طَرَفَيِ النَّهارِ ؛) لأنّها لا تقام إلا بعد الزوال ، فإذا زالت الشمس فقد دخل الطرف الآخر خصوصا إذا اعتبر النهار من طلوع الفجر.
قوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ؛) أي إن الصلوات الخمس يذهبن الصغائر ، كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّارة لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر](٣). وقيل : إنّ التوبة تكفّر عقاب السيّئات ، وقيل : أراد بالحسنات : سبحان الله ؛ والحمد لله ؛ ولا إله إلا الله ؛ والله أكبر. قوله تعالى : (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (١١٥) ؛ أي ذلك الخطاب تذكير للذاكرين الذين يذكرون أوامر الله ويأخذون بها ، ويذكرون نواهيه فيجتنبون معاصيه.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٣٣٤) بأسانيد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤٣٣٦) بلفظ : ((ولا تلحقوا بالشّرك ، وهو الّذي خرجتم منه)).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٤٨٤. ومسلم في الصحيح : كتاب الطهارة : باب الصلوات الخمس : الحديث (١٦ / ٢٣٣). والترمذي في الجامع : أبواب الصلاة : باب في فضل الصلوات الخمس : الحديث (٢١٤ ؛ وقال : حديث حسن صحيح.