والأرض ، وما لاح كوكب ، وما أضاء القمر ، وما اختلف الجديدان ، لا يريد بذلك الشرط ، وإنما يريد بذلك التأكيد والتبعيد.
قوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ ؛) أي سوى ما شاء ربّك من الخلود بعد مضيّ مقدار سماء الدّنيا وأرضها. وقال بعضهم : معنى الآية : ما دامت سماء الدّنيا وأرضها ، وسماء الجنّة وأرضها ، وقوله : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) مذكور على وجه التأبيد أيضا. قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٠٧) ؛ أي يفعل ما شاء.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ؛) من قرأ (سعدوا) بضمّ السين فمعناه : رزقوا السعادة ، وممّن قرأ ذلك أهل الكوفة ، قوله : (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١٠٨) ؛ أي أعطاهم النعيم عطاء غير مجذوذ أي غير مقطوع.
قوله تعالى : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ ؛) أي فلا تكن أيّها الشاكّ في مرية ، (مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ؛) من دون الله أنه باطل ، والمرية هي الشكّ مع ظهور دلائل التّهمة ، وقوله تعالى : (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ ؛) معناه : ما يعبدون إلا على جهة التقليد لآبائهم. قوله تعالى : (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) (١٠٩) ؛ أي حظّهم من العذاب غير منقوص عن مقدار ما استحقّوا ؛ آيسهم الله بهذا القول عن العفو ، وقيل : أراد بالنصيب الأرزاق والآجال ، وما قدّر لهم في دنياهم.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ؛) أي ولقد أعطينا موسى الكتاب ، فصدّق به بعضهم ، وكذب به بعضهم ، (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ؛) أي لو لا وعد الله سبق بإبقاء التكليف عليهم إلى ذكر الوقت لقضى بتعجيل العقاب لمن استحقّ العقاب في الدّنيا ، وبتعجيل الثواب لمن استحقّ الثواب في الدنيا. قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) (١١٠) ؛ أي وإنّهم لفي شكّ من القرآن يريبهم أمره.