قوله تعالى : (مَنْضُودٍ) (٨٢) ؛ أي بعضهم فوق بعض. وقوله :(مُسَوَّمَةً ؛) أي معلّمة بعلامة المعاقبين ، وكانت مخطّطة بالسّواد والحمرة والبياض. وقيل : كان مكتوب على كلّ حجر اسم من هلك به. وقوله تعالى : (عِنْدَ رَبِّكَ ؛) أي أعلمتها الملائكة في السّماء بأمر الله.
وقوله تعالى : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (٨٣) ؛ أي وما تلك الحجارة من ظالمي أمّتك ببعيد. وعن ابن عبّاس أنه قال : (لا والله لا تذهب اللّيالي والأيّام حتّى تستحلّ هذه الأمّة أدبار الرّجال كما استحلّوا النّساء ، ولا تذهب الأيّام واللّيالي حتّى يصيب طوائف من هذه الأمّة حجارة من عند ربك).
قوله تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ؛) أي وإلى ولد مدين بن إبراهيم أخاهم في النّسب ، (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ ؛) أي ولا تنقصوا حقوق الناس عند الكيل والوزن عليهم بالتّطفيف ، (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ ؛) أي إنّي أراكم في الخصب والرّخص ما أوفيتم للناس حقوقهم. وقيل : معناه : إنّي أراكم في كثرة الأموال ، وأنتم مستغنون عن نقصان الكيل والوزن ، (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤) أي عذابا يحيط بكم فلا يفلت منكم أحد.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ ؛) أي بالعدل ، (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ ؛) أي ولا تنقصوهم حقوقهم ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٨٥) ؛ أي لا تضطربوا في الأرض بالقبيح مفسدين بالمعاصي.
قوله تعالى : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما ؛) معناه : ما أبقاه الله خير لكم من الحلال بعد إتمام الكيل والوزن خير لكم مما حرّم عليكم من البخس والتطفيف إن كنتم مصدّقين ما أقوله لكم. ويقال : أراد بالبقيّة طاعة الله ، فإنّها هي التي يبقى ثوابها. قوله تعالى : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (٨٦) ؛ أي لم أوكّل بحفظكم فأقاتلكم وأمنعكم.