أمر فظيع ، فاستعملتها في هذا الموضع على جهة التعجّب ، ولهذا قالت : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) (٧٢). وأصله : يا ويلتي فأبدل من الياء الألف لأنه أخفّ من الياء والكسر.
قال ابن عبّاس : (كانت سارة بنت ثمان وتسعين سنة ، وكان زوجها ابن مائة وعشرين ، فتعجّبت بأن يكون بين شيخين كبيرين ولد) (١) ، قوله تعالى : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) أي هذا الذي يعرفونه بعلي ، ثم قالت (شيخا) أي انتبهوا له في حال شيخوخته فهو نصب على الحال ، وذهب الكوفيّون إلى أنه نصب على القطع عن المعرفة إلى النّكرة كما يقال : خرج زيد راكبا.
قوله تعالى : (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ؛) أي قالت الملائكة : أتعجبين من قدرة الله وأنت عارفة أنّ الله قادر على كلّ شيء؟ قال السديّ : (أخذ جبريل عودا يابسا فدلكه بين إصبعيه فإذا هو أخضر يهتزّ ، فعرفت أنّه من الله).
قوله تعالى : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ؛) معناه : نعمة الله عليكم في الدّين والدنيا وخيراته التامّة عليكم يا أهل البيت بيت إبراهيم عليهالسلام ، (إِنَّهُ حَمِيدٌ ؛) لأعمالكم ، (مَجِيدٌ) (٧٣) ؛ أي كريم يكرمكم بالنّعم ، الكريم هو الذي يبتدئ بالنعمة قبل الاستحقاق ، والمجيد الماجد وهو ذو الشّرف والمجد والكرم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ ؛) أي الخوف والفزع ، (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى ؛) بإسحق جعل ، (يُجادِلُنا ،) يجادل رسلنا ، (فِي قَوْمِ لُوطٍ) (٧٤).
واختلفوا في هذه المجادلة ، فقال بعضهم : سأل عن سبب تعذيب الله لهم سؤال مستقص حتى قال : إنّ الله أمر باستئصالهم وبتخويفهم بالعقاب ، وحتى قال : إنّ فيها لوطا. وقال بعضهم : أراد بالمجادلة الدّعاء والتضرّع وشدة الحرص على نجاة القوم رجاء إيمانهم.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٤١٥٠) عن ابن إسحق.