التي ظهرت لمن اتّبعوني فلم تبصروها لتفاوتكم ، (أَنُلْزِمُكُمُوها ،) أمكننا أن نجعلكم قابلين لها ، (وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (٢٨) ؛ هذا مما لا يكون. قال قتادة : (والله لو استطاع نبيّ الله ألزمها قومه ، ولكنّه لم يملك ذلك) (١).
فإن قيل : فهلّا قال فعميتم عنها وهم الذين كانوا عموا؟ قلنا : قد بيّنا إنه وضع ذلك موضع : فخفيت عليكم ، ثم لا فرق بين اللفظين كما لا فرق بين قولهم : أدخلت الخاتم في الإصبع ، وأدخلت الإصبع في الخاتم. ومن قرأ (فعمّيت) بضمّ العين وتشديد الميم ، فالمعنى : أليست عليكم نبوّتي؟.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً ؛) أي لا أسألكم على دعائي لكم إلى الله مالا ، فتخشون العدم في أموالكم بإجابتي ، (إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ؛) أي ما ثوابي إلا على الله يعطيني في الآخرة.
قوله تعالى : (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ؛) قال ابن جريج : (إنّهم سألوه طرد الّذين آمنوا ليؤمنوا به أنفة من أن يكونوا معهم على سواء ، فقال : لا يجوز لي طردهم بقولكم وازدرائكم) ، (إِنَّهُمْ مُلاقُوا ؛) ما وعدهم ، (رَبِّهِمْ ؛) فيجزيهم بأعمالهم ، ويقال : فيخاصموني عنده إن طردتّهم ، (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٢٩) ؛ أوامر الله وما فيه إصلاحكم.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ ؛) معناه : يا قوم من يمنعني من العقاب النازل في يوم القيامة إن طردت من آمن بي ، وآويت من كفر ، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٣٠) ؛ تتّعظون بما أقول لكم فتؤمنون.
قوله تعالى : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ؛) أي لا أرفع نفسي فوق منزلتي ، فأقول إنّ عندي مقدورات الله ، فأخصّ بذلك من أشاء ، وأمنعه ممن أشاء. وقوله تعالى : (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أي ولا أدّعي علم الغيب فإني لا أعلم إلا ما علّمني الله.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٩٨٦).