لا يجوز عليه السّرور ولا المنافع والمصارف (١) ، ولا يلحقه الموت ، فهو غنيّ عن اتخاذ الولد.
ثم طالب الكفار بالحجّة والبرهان ، فقال عزوجل : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا ؛) أي ما عندكم من حجّة وبرهان على هذا القول ، ثم أنكر عليهم ذلك تبكيتا لهم فقال تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٨) ؛ وهذا على حجّة الإنكار والردّ عليهم ؛ أي لم تقولون على الله ما لا علم لكم به ولا حجّة لكم عليه.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (٦٩) أي قل يا محمّد إن الذين يختلقون كذبا ؛ يكذبون به على الله تعالى لا يفلحون في الدّنيا بالحجّة ولا بالآخرة في الثواب ، ولا يسعدون في العاقبة وإن اغترّوا بطول السّلامة (٢). قوله تعالى : (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ؛) رفع على معنى ذلك متاع في الدّنيا يتمتّعون به قليلا ثم ينقضي. وقيل : لهم متاع في الدّنيا يتمتّعون به أيّاما يسيرة ، (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ ؛) الغليظ الذي لا ينقطع ، (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ ،) (٧٠) أي بكفرهم بالله ورسوله.
قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ؛) أي إقرأ عليهم خبر نوح ، (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ ؛) ثقل عليكم وعظم ، (مَقامِي ،) ومكثي فيكم ، (وَتَذْكِيرِي ؛) وعظتي لكم (بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ ؛) به وثقت واليه فوّضت أمري ، وذلك حين قالوا له : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ.)
قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ؛) أي اعزموا على أمركم مع شركائكم. وقيل : معناه : فاعزموا على أمركم ، وادعوا لآلهتكم واستعينوا بهم ، وأجمعوا على أمر واحد. ومن قرأ (فاجمعوا) بنصب الميم فهو من الجمع.
__________________
(١) هكذا رسمها الناسخ في المخطوط بوضوح ، ولعلها (والمضارّ). والله أعلم.
(٢) في المخطوط رسمها الناسخ من غير نقط : (واعروا بطور السلامة).